8:10:45
كربلاء وراية قره قويونلو.. كيف أضاءت قلوب أمراؤها بضياء العهد إعلان ملف المؤتمر العلمي الدولي التاسع لزيارة الأربعين وفد من مركز كربلاء للدراسات والبحوث يزور نائب رئيس لجنة قدسية كربلاء في مجلس المحافظة مجالس العلامة الشهيد الثاني في كربلاء مجالس العلامة الشهيد الثاني في كربلاء موجز عن تاريخ إيوان الذهب في الروضة الحسينية اعلان بحضور علمي لافت، مركز كربلاء ينظم ندوة عن التاريخ المشترك لأذربيجان وتركمان العراق الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة محمد جواد الدمستاني وفد من المركز يزور وزارة التعليم العالي، ويبحث عدداً من الملفات المهمة استمرار الدورة الفقهية في مركز كربلاء للدراسات والبحوث مقتطفات من خطبة الجمعة لسماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي جيل الشباب التحديات المعاصرة اعلان دفق من التاريخ والحكايات لمراقد ومقامات كربلاء..مرقد عون بن عبد الله البنفسج مركز كربلاء للدراسات والبحوث ينظم ندوة إلكترونية حول الأبعاد الإنسانية لزيارة الأربعين محطات كربلائية..إسهامات الملوك الصفويين في تطوير وتعمير مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) إعلان.. وظيفة شاغرة اعلان اعلان وفد من مركز الدراسات الاستراتيجية بجامعة كربلاء يزور مركز كربلاء للدراسات والبحوث لبحث التعاون العلمي المشترك
مشاريع المركز / اطلس كربلاء / كربلائيون
02:11 PM | 2025-02-23 2136
جانب من تشيع الشهيد زكي غنام
تحميل الصورة

كربلاء وراية قره قويونلو.. كيف أضاءت قلوب أمراؤها بضياء العهد

تعود جذور دولة قره قويونلو إلى تأسيسها على يد قره يوسف التركماني في العراق عام (٨١٤ هـ)، في أعقاب انقراض الدولة الجلائرية، امتدت حكومتها لما يقارب ستين عاماً وشهدت تولّي الحكم لثمانية ملوك، من بينهم الأمير سبهد ميرزا المعروف باسم باسيان، الذي تميّز بصفاء سريرته وحكمه الرشيد، فقد استطاع الأمير باسيان، بمنتهى الحكمة، تسيير دفة الحكم في العراق، مما أكسب الدولة سمعة طيبة بين القبائل والمجتمعات الإسلامية في المنطقة.

تُشير المصادر التاريخية إلى أنّ هذا الكيان السياسي كان له أبعادٌ أكثر من مجرد إدارة شؤون الدولة؛ إذ جاء في سياق حكمه تأكيدٌ على الهوية الدينية والروحانيّة، حيث شهدت فترة ولايته ظهور دعوات الإصلاح الديني؛ إذ أدّى ظهور دعوة السيد محمد بن فلاح الموسوي (المتمهدي) إلى عقد مجلس يضم نخبة من العلماء من الحلة وكربلاء، كان أبرزهم العلامة ابن فهد الحلي، حيث ذكر العلامة المتتبع الميرزا محمد باقر الموسوي الخوانساري في كتابه روضات الجنات ان ابن فهد الحلي قد ناظر اهل السنة في زمان الميرزا اسبند التركمان –الأمير باسيان_ وغلب على جميع علماء العراق فغير الميرزا مذهبه وخطب باسم امير المؤمنين وأولاده الائمة (عليهم السلام). فقد كان لهذا الحوار التاريخي بالغ الأثر في تغيير مسار المذهب الرسمي لدولة قره قويونلو، إذ أسفر عن ميل السلطان نحو التشيع وتثبيته كمذهب رئيسي في مملكته.

من أهم الخطوات التي اتخذتها دولة الخروف الأسود لحماية الهوية الدينية كانت إصدار تعليمات واضحة بشأن مراعاة مقدسات أهل البيت(عليهم السلام)  فقد أمر السلطان بضرب النقود التي حملت أسماء الأئمة الاثني عشر المعصومين، في خطوة كانت بمثابة إعلان رسمي للمذهب الشيعي في جميع أنحاء مملكته. ولم يقتصر الأمر على الجانب النقدي فحسب، بل توجّه السلطان أيضاً بعناية خاصة إلى المشهدين المقدسين في كربلاء والنجف؛ فقد عين لهما قومةً من الخدام الدائمين، تُدفع لهم رواتب من خزانة الدولة، يعمل هؤلاء على تنوير الروضتين ليلاً وتنظيفهما ونهجهما خلال النهار.

على إثر وفاة الأمير باسيان في شهر ذي القعدة عام (٨٤٨ هـ)، تولّى الأمير بير بوداف الحكم، محتفظا ببعض الآثار المحمودة في كربلاء والنجف، وعندما بلغته أخبار عن نهب المَشهدين المقدسين من قِبل المتمرد مولى علي المشعشعي، سار في طلبه إرسال قائده سيدي علي مع مجموعة من الجنود إلى بغداد، بهدف إعادة النظام وإنقاذ مقدسات كربلاء من الفوضى

وفي شهر جمادى الأولى عام (٨٥٩ هـ)، دخل سيدي علي والأمير شيخ شيئي الله، وباقي أعوانهم إلى كربلاء، حيث نفّذوا وصية الأمير بير بوداف بإعادة إعمار الحائر الحسيني، وتعويض الخسائر التي لحقت بالمشهد نتيجةً لأعمال الفتنة، وهكذا أثبتت الدولة قدرتها على استعادة الأمن والطمأنينة، مؤكدًة دورها الفاعل في الحفاظ على العراقة الدينية والثقافية للمنطقة.

إن دولة قره قويونلو لم تقتصر إنجازاتها على الأبعاد الإدارية والسياسية فحسب، بل تعدّ من أعظم المساهمين في حماية ونشر مذهب اهل البيت (عليهم السلام) ، فقد ساهمت سياسات الدولة في جعل كربلاء والنجف مراكز جذب للعلماء والباحثين والمريدين، مما ساعد على تشكيل جسرٍ تاريخي بين الماضي الإسلامي الأصيل والحاضر الراهن، فقد أسهمت هذه الدولة في إرساء قواعد متينة لانتشار الوعي الديني والهوية الشيعية بين الطبقات المختلفة، سواء كان ذلك عبر المؤتمرات العلمية أو من خلال دعم المؤسسات الدينية والتعليمية في تلك المدن المقدسة.

هذا الدور التاريخي لم يغب عن الأبحاث والدراسات الحديثة؛ فقد اعتبره الباحثون أحد أهم العوامل التي ساهمت في بقاء الذاكرة الدينية والثقافية للشيعة حية، وأدى إلى استمرار زيارة الحجاج إلى كربلاء والنجف عبر القرون، مما جعل من تلك المدن رموزاً للهوية الدينية والتلاحم الاجتماعي في العالم الإسلامي.

 

راجع

(1)العلامة المتتبع الميرزا محمد باقر الموسوي الخوانساري الاصبهاني،روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات،دار احياء التراث العربي،بيروت،2010،ط1،ص73

(2)محمد حسن الكليدار آل طعمة، مدينة الحسين مختصر تاريخ كربلاء، من إصدارات مركز كربلاء للدراسات والبحوث،2016، ج2، ص 238

 

 

زين العابدين سعد عزيز

Facebook Facebook Twitter Whatsapp