الشهيد الثاني هو الشيخ الأجل زين الدين علي بن أحمد بن علي بن جمال الدين تقي بن صالح الجعفي العاملي المعروف بابن الحجة، ولد في مدينة (جبع) من أعمال الشام عام (911 هـ)، ولُقّبَ بـ (الشهيد الثاني) لاستشهاده في إسطنبول على يد السلطان سليم العثماني على أثر وشاية قاضي صيدا ضده عام (968هـ).
وقد زار كربلاء في عام (946هـ)، وقبّل عتبة الحائر الحسيني الشريف، ثم زار مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام) وباقي المشاهد المشرفة في كربلاء المقدسة والنجف الأشرف، و قام برحلات عديدة لطلب العلم، وقال عنه جماعة من علماء الفريقين في الشام ومصر وبغداد بأنّه : أوتي من العلم والفضل، والزهد والورع أكثر من أن يذكر، وأن صفاته الحميدة أكثر من ان تحصر، ومن خصائصه: أنّه أينما حل وارتحل كان يجلس للتدريس والتصنيف في مختلف العلوم العقلية، والنقلية، والشرعية، وكانت حلقة تدريسه في كربلاء تضم جماعة كبيرة من العلماء والفضلاء، وكان من تلامذة العلامة ( شمس الدين ابن شجاع) قاضي الحائر.
ويقول صاحب كتاب (المآثر): "كانت مجالس العلامة الشهيد الثاني طيلة سنوات إقامته في الحائر الحسيني زاخرة بالحوار والتصنيف، ووفد إليه طلاب العلم من مختلف الأقطار الإسلامية لانتهال العلم والعرفان منه، ومن آثاره الخالدة في كربلاء حتى اليوم دار ومسجد يقعان في طرف (باب السلالمة)، ويعرفان بـ (دار الشهيد، ومسجد الشهيد).
ومما تجدر الإشارة إليه: إنّ الشهيد الثاني قد اتخذ المسجد مقرّاً لحواره، وتدريسه، وأصبح من بعده أثراً من آثار تراثه العلمي المخلد في تأريخ هذا البلد، وله تصانيف كثيرة ومشهورة، وقد خلف مائتي كتاب بخط يده وقسم منها من تأليفه.
المصدر: محمد حسن مصطفى الكليدار آل طعمة، مدينة الحسين (عليه السلام)، ج3، ص41.