محمد بن سليمان، المعروف بـ(فضولي البغدادي)، يعد من أبرز شعراء القرن العاشر الهجري، وأحد أعلام الأدب التركي، إذ لُقّب بـ(سلطان الشعراء) و(شيخ شعراء المشرق)، وُلِد في كربلاء عام 1498م وعاش حياة قاسية اتسمت بالفقر والبؤس، إلا أنه ترك إرثاً شعرياً عظيماً بثلاث لغات العربية، والفارسية، والتركية، يحتفى به اليوم في بلدان عدّة منها العراق، أذربيجان، تركيا، إيران، أفغانستان، والهند.
أما سبب تلقيبه بـ (البغدادي) رغم ان مولده ونشأته ووفاته كان في كربلاء فقد قيل إن الآذرييين أطلقوا عليه هذا اللقب، ونسبوا أصل فضولي لهم وقالوا إن أسرته هاجرت إلى العراق قبل ولادته وسكنت في بغداد فأطلقوا عليه هذا اللقب ويُعد فضولي مصدر إلهام لشعراء تلك الحقبة، تناول شعره مواضيع اجتماعية وفلسفية وصوفية، كان أبرز المواضيع التي تعرّض لها فضولي في ديوانه هو مقارعة الظلم والظالمين والوقوف إلى جانب المستضعفين, اذ سخّر كثيراً من شعره لنصرة المضطهدين وتأثر في ذلك كثيراً بأبي العلاء المعري،كتب في مدح النبي وأهل البيت (ع) وأبدع في التعبير عن معاناة الفقراء، رافضاً الانضمام إلى قصور السلاطين رغم إغراءاتهم.
وينتمي الشاعر فضولي إلى قبيلة (بيات) التركمانية، وهي إحدى القبائل ذات الجذور المرتبطة بالشعب الأذربيجاني، والمنتشرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط والأناضول والقوقاز، ولاعتزاز الشعب الأذري بالشاعر افتتح مطار في أذربيجان يحمل اسم الشاعر وكذلك يمكث تمثاله الضخم في إحدى أهم ساحات العاصمة باكو ، وسبق أن أقاموا له مهرجانا عالميا كبيرا عام 1958م مثل العراق فيه العلامة الراحل حسين علي محفوظ الذي يعد أول من ألف كتابا عن فضولي.
اعتزل فضولي في أواخر حياته واعتكف للعبادة في ضريح الإمام الحسين (عليه السلام) وكان يضيء القناديل في المرقد الشريف مبتعدا عن ملاذ الدنيا ومتاعبها، وكان يدعو إلى إنصاف المظلومين، وفضّل الاعتزال والزهد والتبتّل والعبادة وتكريس نفسه لها والابتعاد عن الدنيا ومغرياتها،فكانت كربلاء هي أفضل المدن في نظره وكان يسميها (إكسير الممالك) حتى أدركه الأجل1556م بوباء الطاعون ودفن في كربلاء في جنوب صحن الروضة الحسينية المقدسة تجاه باب القبلة قرب ضريح عبد المؤمن بابا مؤسس التكية البكتاشية ، ولفضولي (12) كتاباً باللغة التركية و(6) بالفارسية و(2) بالعربية ما بين شعر ونثر وقد خصّ منها ديواناً بعنوان (حديقة السعداء) لواقعة كربلاء ورثاء الإمام الحسين (عليه السلام) ترك فضولي أثراً خالداً في الأدب، ليس فقط بإبداعه الشعري، بل برؤيته الإنسانية العميقة.
راجع
سلمان هادي ال طعمة،شعراء كربلاء،من إصدارات مركز كربلاء للدراسات والبحوث،2017،ط1،ج4،ص10