حديقة آغا حسن هي واحدة من أبرز الإنجازات التي شيدها السيد محمد حسن ضياء الدين، سادن الروضة العباسية المقدسة، تقع في الشمال الشرقي للروضة العباسية بالتحديد في باب بغداد، وتتميز بتصاميمها الرائعة ومساحتها الواسعة التي شهدت أعمالاً فنية من قبل الزوار الذين ساهموا في تطويرها وإثرائها، جُلبت بذور النباتات من مختلف البلدان لتضيف لمسات جمال طبيعية مميزة إلى المكان، مما جعلها تعكس جوهر الروحانية والجمال.
لم تكن هذه الحديقة مشروعاً شخصياً للسيد محمد حسن، بل كانت تهدف إلى أن تكون مكاناً يجمع بين مختلف أطياف المجتمع الكربلائي، حيث استقطبت المثقفين والعلماء لتبادل المعرفة والمناقشات الثقافية والسياسية، كانت الحديقة ملتقى للعلماء والأدباء الذين كانوا يجتمعون بانتظام لمناقشة القضايا الفكرية الحديثة، وكان السيد الكليدار حريصاً على استضافة العلماء والزوار فيها القادمين من مختلف المناطق لتقديم واجب الضيافة لهم.
إحدى المحطات في تاريخ الحديقة كانت عندما أصيب المرجع الكبير السيد أبو الأحسن الأصفهاني بوعكة صحية في النجف الأشرف، فنصحه الأطباء بالخروج من المدينة لفترة نقاهة، واختيرت حديقة السيد محمد حسن في كربلاء لتكون وجهته المثالية، خرجت المدينة لاستقبال السيد الأصفهاني مع نخبة من العلماء، حيث استضافه السيد الكليدار بحفاوة بالغة، وظل يتلقى العناية والرعاية حتى منّ الله عليه بالشفاء وعاد إلى النجف.
على الرغم من الأهمية الكبيرة للحديقة، فقد واجهت صعوبات مع الزمن، حيث شهدت تحولاً تدريجياً بسبب التوسع العمراني وامتداد الشوارع التي استقطعت من مساحتها الخضراء، مما أدى إلى إهمالها واندثارها مع مرور الوقت، إلا أن إرث الحديقة يبقى شاهداً على جهود السيد محمد حسن لضمان توفير مساحة ثقافية وجمالية للمدينة.
بالإضافة إلى الحديقة، كان للسيد الكليدار مشاريع أخرى لخدمة المدينة، مثل مشروع إيصال المياه الذي بدأه والده المرحوم السيد مرتضى، حيث قام بمد شبكات المياه إلى شوارع وأزقة المدينة لتوفير مياه الشرب النظيفة في وقت كانت فيه كل المدن العراقية تفتقر إلى هذه الخدمات الحيوية.
ورغم اندثارها ، إلا أنها لا تزال تحتفظ بذكريات الماضي الجميل، حيث كانت نقطة تجٌمع للعلماء والمفكرين في مدينة كربلاء، وكانت تمثل رمزاً للثقافة والعطاء الذي قدمه السيد محمد حسن ضياء الدين لخدمة المدينة وأهلها وزائريها.
راجع
سلمان هادي آل طعمة،حكايات من كربلاء،دار الجوادين،دمشق،2006،ط1، ص20