الغاضرية على ما جاء في معجم البلدان، قرية من نواحي الكوفة، قريبة من كربلاء. وكانت قرية عربيـة مـن قبـل الفتح، سكانها عرب، واسمها عربي. لأن الغاضرية بالأصل منسوبة إلى (غاضرة)، وغاضرة على قول الجوهري، قبيلة من بني أسد، وحي من صعصعة، وبطن من ثقيف.
وكانت قرية عامرةً كبيرة تمتد على ضفة الفرات في شمال كربلاء الى شمالها الشرقي، طار صيتها في الآفاق على عهد الدولة الأموية وأدرك عمرانها أوائل الدولة العباسية. وكان الزمان يحاربها ويقارعها فتارةً تغلبه وأخرى يغلبها. ولم تزل بين صعود وهبوط ورقي وانحطاط حتى فاضت النفس الأخيرة في أواسط الدولة العباسية ولم يبق منها إلا أطلال دارسة، وآثار بالية، وأنقاض تنطق بما كان لها في الأزمنة الغابرة من الشان الخطي والعمران المنقطع النظير.
فكانت الغاضرية تلك القرية العامرة المعظمة، تنبسط على رقعة واسعة من الأرض في شمال كربلاء، وتبدأ حدودها حسب الظاهر، من قرب المخفر الحالي على الحسينية و(قبر الصخني) الى مقام الصادق (عليه السلام)، و"أربع نهران" قرب البساتين المعروفة بـ(فدان السادة)، إلى تل الهيابي خارج منطقة النخيل على طريق عون.
ولا زال قسم من هذه البقعة الواسعة المكسوة بالأشجار والنخيل معروفاً الى اليوم بإسم " الغاضريات" لتعدد قطعها وهي جمع الغاضرية الاسم القديم لهذا الموضع. حتى وأن القيود الرسمية لبعض البساتين بدائرة الطابو مسجلة بإسم الغاضريات مما يدل على قدم التسمية وشيوعها الى الان بين الناس وفي السجلات الرسمية.
وكان الطريق بين الغاضرية وكربلاء يقع حيث يقوم الآن حرم العباس (عليه السلام)، لأنه قتل بطريق الغاضرية على المسناة بجانب الفرات، كما أن الحسين (عليه السلام) بعد نزوله إلى كربلاء في أوائل العشرة الأولى من محرم عام ٦١ من الهجرة، اشترى من أهل الغاضرية ونينوى مساحة كبيرة من الأراضي الواقعة في أطراف هذه البقعة، وكانت تبلغ مساحتها من حيث المجموع أربعة أميال في أربعة أميال. فاشتراها بستين ألف درهم ثم تصدق عليهم بتلك الأراضي الواسعة على شرط أن يقوم أهلها بإرشاد الزائرين الى قبره الشريف، وأن يقوموا بضيافتهم ثلاثة أيام. غير أنهم لم يفـوا بهذا الشرط من القيام بإرشاد الزوار وضيافتهم فسقط حقهم فيها، وبقيت تلك الأراضي المشتراة منهم ملكاً للحسين (عليه السلام) ولولده من بعده كما كان الحال قبل التصدق بها عليهم بذلك الشرط.
من كتاب (جغرافية كربلاء القديمة وبقاعها)، لمؤلفه الدكتور السيد عبد الجواد الكليدار آل طعمة، سلسلة تراث كربلاء الثقافي (14)، قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة الحسينية المقدسة.