أصحاب الامام الحسين (عليه السلام) بين الحقيقة والتشكيك (التضليل الأموي).. الحلقة الأولى
إن آثار النهضة الحسينية وأهدافها ومنطلقاتها ، تجاوزت حدود الزمان والمكان، فقد شكلت خطرا على كل مظاهر الظلم والطغيان، وأرست قواعد نهج قائم مستمر، أحيت به روح التضحية والفداء في نفوس الأمة، وحركت الدم الثائر في عروق الأحرار.
ان حجم التأثير الذي حققته النهضة الحسينية وبهذه القوة جعلها في خطر الاستهداف من هجمات سلاطين الظلم والجور على مر العصور والأزمنة فليس عجيب أن يتصدى ورثة الخط الأموي السفياني ما وسعهم، لتشويه صورة هذه النهضة ومحاولة تدنيس طهرها وصفائها، والحد من قدرتها على الامتداد لكن محاولاتهم البائسة هذه، لم يكتب لها النجاح، نظرًا لما تمتلكه عاشوراء من عناصر القوة والتأثير، وقد أثبتت الأحداث فشل محاولات التشويه ومحو عاشوراء من الذاكرة، رغم اتخاذها عدداً من الحجج والافتراءات المختلفة، والتي منها: تجريد النهضة الحسينية المباركة من سماتها وطابعها الديني، وإسباغ طابع دنيوي ،عليها بوصفها صراعًا دنيويا على السلطة، بين حيين من قريش؛ كي تفقد قدسيتها، وقدرتها على التأثير الدائم.
ومن الافتراءات التي روج لها إلاعلام الأموي، هي أن الإمام الحسين (عليه السلام) إنما خرج لطلب السلطة، بيد أن اخبار السماء للنبي ﷺ بأستشهاد الإمام الحسين واخبار النبي بذلك كما ورد باخبار الفريقين كافية لرد هذه الافتراءات الباطلة.
فقد ورد عن عائشة أو أم سلمة أن النبي ﷺ قال لها: دخل علي البيت ملك لم يدخل على قبلها، فقال لي إن ابنك هذا حسيناً مقتول، وإن شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها. رواه عبد الرزاق، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند مثله، إلا أنه قال أم سلمة ولم يشكن وإسناده صحيح. رواه أحمد والناس.
قال الهيتمي وفي رواية الملا وابن أحمد في زيادة المسند قالت ثم ناولني كفا من تراب أحمر وقال: إن هذا من تربة الأرض التي يقتل بها فمتى صار دما فاعلمي أنه قد قتل، قالت أم سلمة: فوضعته في قارورة عندي وكنت أقول إن يوما يتحول فيه دما ليوم عظيم، وفي رواية عنها فأصبته يوم قتل الحسين وقد صار دما وفي أخرى ثم قال: يعني جبريل ألا أريك
تربة مقتله فجاء بحصيات فجعلهن رسول الله في قارورة قالت أم سلمة فلما كانت ليلة قتل الحسين سمعت قائلا يقول:
أيها القاتلون جهلا حسينا
أبشروا بالعذاب والتذليل
قد لعنتم على لسان ابن داود
وموسى وحامل الإنجيل
قالت فبكيت وفتحت القارورة فإذا الحصيات قد جرت دما.
وأضاف الهيتمي بقوله: وأخرج ابن سعد عن الشعبي قال مر على رضي الله عنه بكربلاء عند مسيره إلى صفين وحاذى نينوى قرية على الفرات فوقف وسأل عن اسم هذه الأرض فقيل كربلاء فبكى حتى بل الأرض من دموعه ثم قال دخلت على رسول الله وهو يبكي فقلت ما يبكيك قال كان عندي جبريل آنفا وأخبرني أن ولدي الحسين يقتل بشاطئ الفرات بموضع يقال له كربلاء ثم قبض جبريل قبضة من تراب شمني إياه فلم أملك عيني ان فاضتا.
كما أن الإمام الحسين (عليه السلام) قد أخذ حقيقة استشهاده من جده المصطفى وصرح بها مذ خرج من المدينة المنورة فقال عند دعوته لبني هاشم. حكى ابن فروخ الصفار ان الحسين لما فصل متوجها دعا بقرطاس
وكتب بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي إلى بني هاشم اما بعد فو قبل خروجه من مكة خطب قائلاً: "وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرع أنا لاقيه كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء فيملأن منى أكراشا جوفا، وأجربة سغبا لا محيص عن يوم خط بالقلم رضى الله رضانا أهل البيت نصير على بلائه ويوفينا أجر الصابرين لن تشذ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لحمته وهي مجموعة له في حظيرة القدس تقربهم عينه وينجز بهم وعده ومن كان باذلا فينا مهجته وموطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا.
النصوص أعلاه واضحة البيان ساطعة البرهان بأن الإمام الحسين (عليه السلام) خرج وهو عالم تمام العلم متيقن تمام اليقين بانه مقتول لا محالة، غير أمة ويبث الروح فيها بعد ان عمد بنو امية الى قتلها وتدنيس عقيدتها، فأي سلطة يبحث عنها الإمام السلام وهو عارف بمصيره.
عبد الأمير القريشي
باحث إسلامي