نشرت صحيفة "كومباس" الإندونيسية، مقالاً إفتتاحياً بيّنت من خلاله التأثير الكبير الذي أحدثته فاجعة كربلاء على مسار التاريخ الإسلامي منذ أربعة عشر قرناً ولحد الآن.
وقالت الصحيفة في مقالها، إن "موقعة كربلاء لم تكن مجرد حربٍ بين معسكر الإمام الحسين بن علي وأهل بيته (عليهم السلام) وأصحابه الأبرار (رضوان الله عليهم)، وبين جيش الطاغية يزيد بن معاوية الأموي"، معللة ذلك بأن "الموقعة التي دارت بالقرب من نهر الفرات بالعراق في الـ 10 من محرم الحرام سنة 61 هجرية، والمصادف لـ 10 تشرين الأول 680 م، قد شهدت خسارة معسكر سبط رسول الله (صلوات الله عليهما) والذي كان أقل عدداً بكثير من جيش خصومه، الى درجة جعلت حجم هذه المعركة لم يكن بالكبير من الناحية العسكرية، إلا أن التأثير الذي أفرزته قبل وخلال وبعد إندلاعها، كان هائلاً".
وتابع المقال، أن "معركة كربلاء كانت نتيجةً لمقدمات سابقة تمثّلت بالصراعات الدائرة بين المسلمين بعيد وفاة النبي محمد (صلى الله عليه وآله) حول هوية من يجب أن يخلفه، وسط الشعور الدائم لشريحة كبيرة من المؤمنين، حول أحقية إبن عم النبي وصهره، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بهذا المنصب، والذي لم يتجسد على أرض الواقع، إلا بعد مقتل عثمان بن عفان على يد المعارضة الساخطة على طريقة قيادته للدولة، قبل أن يستشهد الإمام علي (عليه السلام) بدوره، ليستولي خصمه معاوية الأول على السلطة في ظل مبايعة المسلمين في الكوفة للإمام الحسن بن علي (عليهما السلام) خلفاً لوالده، والذي لم يتم أيضاً كما كان لوالده بسبب نقض معاوية للإتفاق الموقع مع سبط رسول الله (صلوات الله عليهما)، ومن ثم إقدامه على إغتيال الإمام (عليه السلام) بالسم وتسليم ابنه يزيد مقاليد السلطة بالكامل".
وأضافت كاتبة المقال "ويديا ليستاري نينجسيه"، أنه "وعلى غرار ما جرى بعد وفاة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، فقد تم الإلتفاف مرة أخرى على أحقية آل بيت النبي بخلافة جدهم (صلوات الله عليه وعليهم) عبر الأمر الذي أصدره معاوية لأتباعه، بأداء البيعة لإبنه يزيد الذي بعث بمجرد إعتلائه للعرش، برسالة إلى أمير المدينة المنورة، مطالباً فيها ببيعة الإمام الحسين (عليه السلام) له، في الوقت الذي كان فيه الكثير من أهل المدينة غير راضين عن حكم يزيد الفاسق لأمة الإسلام".
وبيّنت "نينجسيه"، أنه "في ظل هذه التطورات، خرج الإمام الحسين على الفور، تلبيةً لطلب أبناء مدينة الكوفة منه للقدوم إليهم مقابل الوقوف معه ونصرة قضيته"، مشيرةً في سياق المقال، الى المجازر التي حاقت بآل بيت النبي (عليهم الصلاة والسلام) على أرض كربلاء، ومستشهدةً بصورة تاريخية نادرة تخص جانباً من جوانب المعركة".
وأشارت صحيفة "كومباس" الى أن "فاجعة مقتل حفيد النبي وآل بيته وأصحابه بمن فيهم العديد من النساء والأطفال، قد صدمت المسلمين في أرجاء المعمورة، كما كانت السبب في تدهور صورة الطاغية يزيد، بل وأصبحت أحد أسباب الإطاحة بالأمويين عبر تمرد دموي لحاق، فيما تحوّلت نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) الإصلاحية، الى مصدر إلهام للعديد من الثورات والحركات التحررية اللاحقة".