نشرت مؤسسة "فلاغلر لايف" الإعلامية العالمية، بحثاً تخصصياً أكّدت من خلاله إن شهر محرم قد يكون مناسبة قديمة، ولكن من يتتبع تأثيره في العصر الحديث، يكتشف حصول تغير في معناه على مر القرون، فما كان في يوم ما، إحياءٍ لذكرى إستشهاد الإمام الحسين "عليه السلام"، فإنه يلهم اليوم أكثر من ذلك بكثير، بما في ذلك عمل العدالة الاجتماعية في جميع أنحاء العالم.
وقالت المؤسسة في مقال لها، إن ما أسمته بـ "المواجهة الضخمة" في أرض كربلاء، بين الجيش الأموي الكبير والفرقة الصغيرة التي تتبع الإمام الحسين (عليه السلام)، بعد رفض الأخير للحكم غير الشرعي للطاغية يزيد، جعلتها مصدر إلهام للكثير ممن يُعيدون تمثيلها كتاريخ حي في جميع أنحاء العالم عند حلول يوم عاشوراء".
وتابع المقال، أنه "من نيويورك ولندن، إلى حيدر آباد وملبورن، يشارك الآلاف في مواكب حداد عاشورائية تختلف من مكان للآخر حسب الثقافات، فمنها من تقتصر على النحيب وقراءة القصائد، ومنها من تطوف بنعش رمزي، وثالثة تتبع حصاناً أبيض يرمز إلى عودة حصان أبي الأحرار خالياً من فارسه الى مخيم النساء والأطفال".
وأضافت كاتبة المقال "نور الزهراء زيدي"، أن "العديد من المؤرخين وعلماء الأنثروبولوجيا قد إكتشفوا كيف إعتمدت مجتمعات كثيرة عبر الزمان والمكان، قصة كربلاء أو الطقوس الخاصة بعاشوراء، كما لفت هؤلاء العلماء، الانتباه إلى الخطب التي نددت فيها زينب بالمجزرة الحاصلة في كربلاء، الى درجة أصبح يُنظر لها اليوم كنموذج نسائي قوي في المقاومة، وتأكيد على دور المرأة في المجتمع الإسلامي".
ونقلت "زيدي" عن عالم الأنثروبولوجيا "مايكل فيشر" إطلاقه نسمية "نموذج كربلاء" على مجموعة قوية من الموضوعات، بما في ذلك الأشخاص الذين يقفون في وجه الدولة ويقاتلون من أجل العدالة والأخلاق، مضيفةً أن "قصة كربلاء أصبحت اليوم أداة قوية للنضال من أجل العدالة الاجتماعية في المجتمعات الإسلامية".
وأشارت الكاتبة التي تعمل كأستاذ مساعد في مادة التاريخ بجامعة "ميريلاند" الأمريكية، الى أن من بين الدلائل القوية على مديات تأثير النهضة الحسينية، هي مؤسسة "من هو الحسين؟" الإجتماعية ذات الفروع النشطة في أكثر من (60) مدينة حول العالم، والتي تقوم بأنشطة خيرية وحملات تبرع بالدم تحت أسم الحسين، بالإضافة الى تشجيع متطوعيها على تنظيم الأحداث ذات المغزى المهم في مجتمعاتهم، وقضايا العدالة الاجتماعية التي حارب الحسين من أجلها، مبيّنةً أنه "في عام 2018، تبرع متطوعون محليون بعشرات الآلاف من زجاجات المياه في مدينة (فلينت) بولاية ميشيغان الأمريكية إحياءً لذكرى الحسين ورفاقه الذين حرموا من الماء لمدة ثلاثة أيام قبل مقتلهم".