نشرت صحيفة "كومباسيانا" الإندونيسية، مقالاً أكدّت من خلاله إن الإسلام لم يعد نظاماً عقائدياً أو ديناً يتبناه الناس وحسب، إنما هو أيضاً حضارة ضمّت العديد من الممالك بعد وفاة النبي محمد وأصحابه من الجيل الأول.
وقالت الصحيفة في مقالها المعنوّن بـ "الأقلية المسلمة في جنوب شرق آسيا"، إن "من بين تلك الممالك، هي السلطنتيّن الأموية والعباسية، متبوعةً بالإمبراطورية العثمانية، والمملكة الصفوية، فضلاً عن سلطنة المغول التي وصفتها بـ (أقوى وأكبر الإمبراطوريات في العالم) والتي حكمت شبه جزيرة البلقان وأوروبا الوسطى شمالاً، وحتى إفريقيا السوداء جنوباً، بينما توجد هنالك منطقة جنوب شرق آسيا والتي تضمّ ماليزيا وإندونيسيا والفلبين التي يعتنق معظم سكانها من قومية الـ (ملايو)، الدين الإسلامي".
وتابع المقال، أن "هنالك أربع نظريات رئيسية حول أصل الإسلام في منطقة الأرخبيل الآسيوي وكيفية إنتشاره فيه، وهي النظرية العربية، والنظرية الفارسية، والنظرية الهندية، والنظرية الصينية، حيث تنص نظرية شبه الجزيرة العربية للمستشرق البريطاني (توماس و. آرنولد) على أن منطقتيّ (كورومانديل) و(مالابار) ليستا منشأ الإسلام في الأرخبيل، وإنما هي قوافل التجار العرب الذين سيطروا على التجارة في الغرب والشرق منذ القرنيّن السابع والثامن الميلاديين".
ثاني هذه النظريات، هي النظرية الفارسية التي تقوم على أوجه التشابه بين العناصر الثقافية الفارسية وبين عناصر الثقافة الإسلامية للأرخبيل الآسيوي، وذلك عبر شيوع إستخدام المصطلحات الفارسية في نظام التهجئة العربية في تعليم القرآن الكريم أولاً، ومن خلال إنتشار تقليد إحياء ذكرى إستشهاد الإمام الحسين بن علي "عليهما السلام" في العاشر من محرم الحرام ومعركة الطف على أرض كربلاء ثانياً، حيث يعد المؤرخ الإندونيسي "حسين جاجادينغرات"، من مؤيدي هذه النظرية.
وتستند النظرية الصينية إلى حجة مماثلة نسبياً للنظرية الفارسية، أي وجود العناصر العديدة للثقافة الصينية في العديد من عناصر الثقافة الإسلامية في إندونيسيا، ووفقاً للمؤرخ الهولندي "هيرمانوس جوهانس دي كراف" الذي قام بتحرير العديد من الآداب الكلاسيكية الناطقة باللغة الجاوية بغية تسليط الضوء على دور الصينيين في إنتشار الإسلام في إندونيسيا، فأن الشخصيات الإسلامية الكبيرة مثل الشيخ "سنان أمبل"، والسلطان "رادين فتاح" هما من أصول صينية.
أما النظرية الرابعة، فتنص على أن الإسلام في منطقة جنوب شرق آسيا مصدره الهند، ومع ذلك، فإن العلماء الذين يدعمون هذه النظرية لا يزالون يناقشون أي منطقة في شبه القارة الهندية هي أصل الإسلام وحامله وفترة وصوله.
وتختتم الصحيفة مقالها بالتأكيد على أنه بالرغم من جميع النظريات المروية، إلا أن المسلمين ليسوا مجتمعاً، وإنما أمة متكاملة، لا يمكن فصلهم جغرافياً أو عرقياً، حيث أنه وفقاً لتعاليم هذا الدين، فإنه لا يعترف بوجود الإسلام العربي، والإسلام الأفريقي، والإسلام الأوروبي، أو حتى إسلام "نوسانتارا" في منطقة الأرخبيل الآسيوي قديماً، وحتى مع الواقع الحالي المتمثل بإنتشار المسلمين في أجزاء متفرقة من العالم، إلا أنه يبقى في جميع الأحوال والأمصار، في حالة تركيز على العلاقة بين العبد وربّه.