بيّن مركز كربلاء للدراسات والبحوث في العتبة الحسينية المقدسة، وعبر كتاب "الإمام الحسين في الدراسات الاستشراقية" الصادر عنه، مقدار الاهتمام الذي ناله التراث الشـيعي كفرقة أو كحدث تاريخي من لدن المستشرقين العالميين على مدى القرون المنصرمة.
وذكر الكتاب عبر بابه الثامن والمعنوّن بـ "المستشرقون والتشيع"، أنه "قـد كتبـت العديـد مـن الكتابـات حول موضوع الشـيعة، ومـا يتعلـق بهم، وهـي بحـق دراسـات كثـيرة حتـى قـال عنهـا الدكتـور (عبـد الجبار الناجـي) في كتابـه (التشـيع والاستشراق)، إنه (لم يـدر في خلـدي في بدايـة الأمر حين شـمرّت عـن سـاعديّ وجمعـت أدوات بحثـي، ومعداتـه لأرسم مخططاً لمفرداته الدقيقـة، بـأن تكـون إسـهامات المستشرقين عـن التشـيع وعن سـيّر أهـل البيـت بمثـل هـذه الكثافـة، والتركيز نوعـاً وكـماً".
وأشار مؤلف كتاب "الإمام الحسين في الدراسات الاستشراقية"، سماحة الشيخ "ليث العتابي"، الى أن "ما يميز هذا النتاج وبشكل عام إنه إتّسم بعدم الإنصاف، وعدم الدقة، وعدم الموضوعية بالتعامل البشري مع الحوادث والنصوص، وذلك بسبب اعتمادهم على التراث السني الذي سيطرت عليه الأيديولوجيا السلطوية الحاكمة بما حوته من مرويات موضوعة وأحاديث وقصص محرّفة، فكانت هذه الروايات، المنطلق لجملة من المستشرقين الذين فرحوا بها، وأصبحت محركاً لهم للطعن، والتشويه محتججين في ذلك بأنها من داخل المنظومة الإسلامية، فتمسكوا بها، بل وزادوا عليها بحسب ما يخدم مصالحهم وأهواءهم".
وتابع "العتابي" بالقول إنهم "وبدراستهم لمذهب التشيّع، كانوا يهدفون الى إبراز الهوة العميقة بين الفرق الإسلامية، وزيادة الشرخ الموجود بالأساس؛ لأن ذلك يخدم سياستهم الاستعمارية، فيما درس بعضهم مذهب التشيع بعد أن تيقن بأن هذه الفرقة الإسلامية قد تم إقصاءها عن عمد".
وفي هذا الإطار، يؤكد الدكتور "عبد الجبار الناجي"، إن "هذا النفر منهم قد وصل إلى نتيجة مفادها ضرورة إقصاء المؤلفات السنّية لكل من يريد التدوين التاريخي عن العقيدة الشيعية، بالإضافة الى جملة من المؤلفات التي حُسِبت على التشيع كذلك".
ويختتم الكتاب هذا الباب بالتشديد على إن "المؤلفات الاستشرافية لم تنصف الشيعة، ولم تكتب عنهم بمنهج علمي خال من الأهواء أو الميول أو المؤثرات، فيما لا يوجد اي مؤلف استشراقي عن مذهب التشيع وعن سيرة اهل البيت (صلوات الله عليهم) وعن التاريخ الإسلامي بشكل عام يخلو من الملاحظات والمغالطات، مع عدم الغفلة عن الجهود العلمية لثلة من المستشرقين في التحقيق وحفظ التراث الإسلامي".
المصدر:- الإمام الحسين في الدراسات الاستشراقية، الطبعة الأولى، أحد منشورات مركز كربلاء للدراسات والبحوث، 2018، ص 26 – 28.