أكّد كتاب "الإمام الحسين في الدراسات الاستشراقية" الصادر عن مركز كربلاء للدراسات والبحوث في العتبة الحسينية المقدسة، إن المستشرقين أولوا إهتماماً خاصاً بكل ما يتصل بالشرق، فكانت عنايتهم بدراسة تراث الهند والصين وبابل وآشور ومصر وبلاد فارس، إلا أن اهتمامهم بالتراث العربي الإسلامي قد فاق كل الاهتمامات الأخرى في محاولة دؤوبة لإختراق أفق الشرق الفكري.
وأشار مؤلف الكتاب سماحة الشيخ "ليث عبد الحسين العتابي"، الى أن "الحضارة الإسلامية هي وليدة البعثة النبوية، وهذه الحضارة إحتوت حضارات اليونان والروم والفرس، بل وشملت أمماً مختلفة الأمزجة والطبائع، فلم تكن حضارة العرب فحسب، وإنما كانت حضارة الأمم الإسلامية كلها أو أقل، فهي حضارة العصور الوسطى التي ربطت العالم القديم بالعالم الحديث"، مبيناً أن "العالم الحديث قد أبدى إهتماماً خاصاً بالدور الذي لعبته تلك الحضارة العظيمة، فأكبّ فريق كبير من علماء الغرب على دراستها بما فيها من دين سمح كريم، ولغة غنية بمفرداتها، مرنة باشتقاقاتها، جميلة برسم حروفها، ومن أدب يصوّر نبضات القلوب وخلجات النفوس، ونجوى الضمائر، ومن تصوّف في التأمل، ومن فلسفة قد بلغت الغاية في عمقها وشمولها، ومن حكم وتشريعات لم تصل الإنسانية بعد إلى أفضل منها".
وتابع "العتابي" بالقول إن "أولئك العلماء كانوا قد أذاعوا حينها كثيراً من دراساتهم في كتب عدة ومجلات خاصة، ثم رأوا منذ بداية هذا القرن أن يجمعوا خلاصة بحوثهم في كتاب جامع يتبعون فيه منهج القواميس والمعاجم، فكتبوا دائرة المعارف الإسلامية باللغات الأوربية الكبرى، حيث أكّدوا ذلك الاهتمام البالغ بالتراث العربي الإسلامي الخالد، ودوره البناء في تربية الإنسان المسلم والقضاء على النظام الفكري العبودي الإقطاعي، ونقل الفكر الإنساني عبر قفزة محسوسة، من العبودية إلى الإنسانية"، مستشهداً بما ذكره "جان بول روا" في كتابه "الإسلام في الغرب"، عن أن "الحضارة الإسلامية أثّرت في الفكر الأوربي بأسره في شتّى ميادين العلوم والآداب والفنون".
ويبين كتاب "الإمام الحسين في الدراسات الاستشراقية" أنه "كان من دلائل هذا الإهتمام سلباً أو إيجاباً، هو أن ظهرت أول مطبعة عربية في مدينة (فانوا) بإيطاليا بأمر من (البابا يوليوس الثاني)، وافتتحها (ليون العاشر) عام 1514م".
المصدر:
- الإمام الحسين في الدراسات الاستشراقية، الطبعة الأولى، أحد منشورات مركز كربلاء للدراسات والبحوث، 2018، ص 18-19.