لم يذكر التاريخ أن طفلاً ولد على وجه البسيطة إمتزج الفرح والحزن لولادته في آن واحد، إلا سيد شباب أهل الجنة وسبط رسول الله، الإمام الحسين بن علي "عليه السلام" فكان تاريخ الثاني من شهر شعبان الخير، منعطفاً إنقلبت من بعده موازين الإنسانية وتغير وجه التاريخ الى أبد الآبدين.
ذكر إبن عباس أنه سمع رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول: إن "لله تبارك وتعالى ملكاً يقال له (دردائيل) كان له ستة عشر ألف جناح ما بين الجناح إلى الجناح هواء والهواء كما بين السماء إلى الارض، فجعل يوما يقول في نفسه (أفوق ربنا جل جلاله شيء؟) فعلم الله تبارك وتعالى ما قال فزاده أجنحة مثلها فصار له اثنان وثلاثون ألف جناح، ثم أوحى الله عز وجل إليه أن طر، فطار مقدار خمسين عاماً فلم ينل رأس قائمة من قوام العرش، فلما علم الله عز وجل إتعابه أوحى إليه (أيها الملك عد إلى مكانك فأنا عظيم فوق كل عظيم وليس فوقي شيء ولا أوصف بمكان) فسلبه الله أجنحته ومقامه من صفوف الملائكة، فلما ولد الحسين بن علي (ع) وكان مولده عشية الخميس ليلة الجمعة أوحى الله عز وجل إلى مالك خازن النار أن (أخمد النيران على أهلها لكرامة مولود ولد لمحمد، وأوحى إلى رضوان خازن الجنان أن (زخرف الجنان وطيبها لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا)، وأوحى الله تبارك وتعالى إلى حور العين (تزيّن وتزاورن لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا)، وأوحى الله عز وجل إلى الملائكة أن (قوموا صفوفا بالتسبيح والتحميد والتمجيد والتكبير لكرامة مولود ولد لمحمد في دار الدنيا)، وأوحى الله تبارك وتعالى إلى جبرئيل (ع) أن (أهبط إلي نبيي محمد في ألف قبيل والقبيل ألف ألف من الملائكة على خيول بلق، مسرجة ملجمة، عليها قباب الدر والياقوت، ومعهم ملائكة يقال لهم –الروحانيون- بأيديهم أطباق من نور أن (هنئوا محمد بمولود، وأخبره يا جبرئيل أني قد سميته الحسين، وهنئه وعزه، وقل له: يا محمد يقتله شرار أمتك على شرار الدواب، فويل للقاتل، وويل للسائق، وويل للقائد، قاتل الحسين أنا منه برئ وهو مني برئ لأنه لا يأتي يوم القيامة أحد إلا وقاتل الحسين (ع) أعظم جرما منه، قاتل الحسين يدخل النار يوم القيامة مع الذين يزعمون أن مع الله إلها آخر، والنار أشوق إلى قاتل الحسين ممن أطاع الله إلى الجنة)".
وقد جاء في كتاب عيون الأخبار لصاحبه "عبد الله بن مسلم الدينوري"، عن الرضا، عن أبيه "عليهما السلام"، أنه قال "سئل الصادق (عليه السلام)، عن زيارة قبر الحسين (عليه السلام)، فقال: أخبرني أبي (عليه السلام) أن (من زار قبر الحسين -عليه السلام- عارفاً بحقه، كتبه الله في عليين)، ثم قال إن (حول قبر الحسين -عليه السلام- سبعين ألف ملك شعثاً غبراً يبكون عليه إلى يوم القيامة)"، فيما نقل كتاب "الأمالي" للشيخ الطوسي، عن إبن حشيش، عن محمد بن عبد الله، عن محمد بن محمد بن معقل، عن محمد بن أبي الصهبان، عن البزنطي، عن كرام بن عمرو، عن محمد بن مسلم، قوله "سمعت أبا جعفر وجعفر بن محمد يقولان إن (الله تعالى عوض الحسين -عليه السلام- من قتله أن جعل الإمامة في ذريته، والشفاء في تربته، وإجابة الدعاء عند قبره، ولا تعد أيام زائريه جائياً وراجعا )".
وورد في فضل زيارة أبا الأحرار "عليه السلام" ما ذكره "جعفر القمي" في كتابه "كامل الزيارات" عن إبن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن ابن بزيع، عن إسماعيل بن زيد، عن عبد الله بن الطمحان، عن أبي عبد الله "عليه السلام"، أنه قال (سمعته وهو يقول: ما من أحد يوم القيامة إلا وهو يتمنى أنه من زوار الحسين بن علي -عليه السلام- لما يرى مما يصنع بزوار الحسين من كرامتهم على الله)".
أما عن منزلة سيد الشهداء "عليه السلام" نفسه، فقد قال محمد بن مسلم، قلت لأبي عبد الله "عليه السلام" إن "هذه الخلال تنال بالحسين (عليه السلام)، فما له في نفسه؟، فقال إن (الله تعالى ألحقه بالنبي -صلى الله عليه وآله-فكان معه في درجته ومنزلته)، ثم تلا أبو عبد الله (عليه السلام) قوله تعالى (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذريتهم) ... الطور: 21".
المصادر:
- كامل الزيارات ص ١١٠.
- عيون الأخبار ج 2، ص 44.
- أمالي الطوسي ج 1، ص 324.
- بحار الأنوار ج ٤٣، الصفحة ٢٤٨.