ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
قد يسأل سائل عن وجه الحاجة إلى المعاهدة مع الآخرين في حفظ حرماتهم، إذا كان التأصيل العام في الإسلام حفظ احترام الإنسان؟
والجواب عن هذا السؤال: إن الباعث الأساس على تنظيم الحقوق والاستحقاقات الفطرية على أساس العهد والميثاق مع الآخرين هو ضمان مراعاتها في حق الجميع بشكل عادل، وحقّهم في التعامل مع الطرف الآخر في حال نقضه بما يستحقّه الغادر في العرف والقانون. وهذا أسلوب جارٍ ومتعارف على المستوى الدولي؛ حيث يبنى حفظ الحرمات بين الدول على أساس المعاهدة الثنائية بينها.
وفي غير هذه الحالة تبتني العلاقة مع الآخرين على أصل احترام الوشيجة الإنسانية العامة من طرف واحد، وهذا يجعله عرضة للانتقاض من الطرفين ما لم يوثّق بمعاهدة مؤكِّدة لذلك، بل لا تتحقق معه العدالة المأمولة في كثير من الأحيان. فالمناسب تنظيم العلاقة بشكل عام على أساسِ تعاقد عامّ أو ثنائيّ بين الطرفين، مبنيّ على رعاية تلك الحرمات؛ ليضمن حفظ حرمات الطرفين معاً.
المصدر / محمد باقر السيستاني، اتجاه الدين في مناحي الحياة، ص، 217.