ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
فإنه أصل في غاية الأهمية في القانون الفطري، وعليه يبتني السلم الداخلي في المجتمعات كلها، كما يبتني عليه السلم الخارجي مع المجتمعات والدول الأخرى، وهو أساس النظام الحديث في تكوين الدولة حيث يمثل القانون في الدولة ميثاقاً اجتماعياً بين المواطنين يجب على جميعهم رعايتها، وحفظ حرمات بعضهم لبعض على أساسها، كما هو أساس الاحترام المتبادل بين الدول المختلفة من خلال الاتفاقيات الثنائية والدولية.
فهذا الأصل ينظم العلاقة بين المسلمين وغيرهم تنظيماً متكاملاً، ويضمن حفظ حرمات الطرفين سواء كان جارياً بين الناس بصفتهم الدينية كاتفاق المسلمين مع غيرهم بشأن الاحترام المتبادل، أو كان بين الناس بصفة أخرى كالمواطنة التي يشترك فيها المسلم وغير المسلم ويلتزم من خلال الانتماء إلى الوطن ميثاقاً اجتماعياً بين أهله.
المصدر / محمد باقر السيستاني، اتجاه الدين في مناحي الحياة، ص، 213.