ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
فما هو موقف الدين من الآخر المختلف في الدين؟ هل تنظر التعاليم الدينيّة في هذا الشأن بنظرة عادلة إلى الآخر، أو تتعامل معه بعصبية وانتقاص على أساس اختلافه في الدين؟
والواقع: أنّ التأمّل الجامع في نصوص الدين وتعاليمه يؤدّي إلى إحراز أنّ التأصيل العامّ في الشرع هو التعامل مع الآخر في إطار القسط بل الإحسان ورفض أيّة عصبيّة تجاه الآخر حتّى ولو كان في الدين.
ولكن شابَ هذا الموضوع إبهام والتباس كثير، حيث إنّ هناك من ظنّ أنّ الدين يشرّع التعامل مع الآخر المختلف في الدين بعصبيّة شديدة حيث يقوي الشعور بالأنانيّة في نفوس أهله، ويوجّههم إلى احتقار الآخرين واستصغار قدرهم بل قد يستبيح حرماتهم استباحة مطلقة، وهذا ما سبّب مآسٍ كبيرة استبيحت فيها النفوس والأعراض والأموال من جهة الاختلاف في الدين.
وهذا الطرح ليس دقيقاً، وإنّما ينشأ عن الأخذ ببعض النصوص والحوادث الموهمة.
المصدر / محمد باقر السيستاني، اتجاه الدين في مناحي الحياة، ص، 195 – 196.