ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
من الطبيعيّ أن يتمثّل مثل هذه الفروق في التشريعات التي تتعلّق بالرجل والمرأة في المجالات المختلفة للحياة، فيما شُرِّع لأجل ضمان العفاف في المجتمع كالستر أو ما شُرِّع لتنظيم الحياة الداخليّة للأسرة أو المجالات الأخرى، فالتشريع المبني على تقدير هذه الفروق بنحوٍ ملائم ومعتدل من دون تفريط وإفراط أسعد لكلٍّ من الرجل والمرأة في هذه الحياة بالمنظور النوعيّ العامّ؛ لأنّه يستمدّ من التكوين النفسيّ للإنسان.
ومن الممكن ترتيب الحياة العمليّة للإنسان على أساس عدم الفرق بين الجنسين كما تجري عليه الثقافة الغربيّة إلّا أنّ أضرار ذلك على الحياة الأسرية وعلى واقع حال الرجل والمرأة وأولادهما أكثر من نفعه، لا سيّما إذا لوحظت نتائج هذه التجربة ومضاعفاتها في مدّة غير قصيرة.
فالتشريع الأمثل للحياة ما كان أوفق بخلقة الإنسان وفطرته على وجه معتدل وراشد يعتبر بالحقائق على مشهد الحياة، ولا يتنكّر لها على أساس بريق عناوين جاذبة كالمساواة، أو على أساس دراسات غير دقيقة تتأثّر في منحاها بالرغبات العامّة والأجواء الحاكمة وتنتفع بأدوات علميّة لم تستوفِ شروطها المنطقيّة وتسعى للتنكّر إلى الفوارق المشهودة بين الجنسين وإسنادها إلى التربية الأسريّة والبيئيّة والاجتماعيّة.
المصدر / محمد باقر السيستاني، اتجاه الدين في مناحي الحياة، ص 178 -179