ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
وأمّا ما جاء عن آل النبيّ فهو أمران ..
(أحدهما): وجود جماعة مصطفاة منهم لما امتازوا به من إيمان وثبات ونبل وزكاة أسوةً بالمصطَفين من السلالات السابقة، كما جاء في حديث الثقلين، وأحاديث وردت في شأن كلٍّ من الإمام علي وفاطمة الزهراء والحسنين (عليهم السلام)
و(ثانيهما): تشريف قرابة النبيّ (صلى الله علية واله وسلم) في أداء الرسالة في وقت حاربه سائر قريش والعرب حتّى استقر هذا الدين، وربما كانت الغاية من هذا التشريف - فضلاً عن كونه عرفاناً بجهود النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) بإكرامه في ذريته وقرابته هو أن يستشعر الناس فيهم قرب النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم ) وعطره حتّى لا يغيب عنهم ذكره، ويكون ذلك باعثاً على وجود معلَم عنه بين الناس، فيكون ذلك سبيلاً إلى تشويق هؤلاء والناس من حولهم إلى الدين الحقّ، ويتعارف إلى الوقت الحاضر ضرب من التشريف للعوائل المالكة في الدول الأوروبّيّة.
وقد جاء فرض المودة لذي القربى على المسلمين في قوله تعالى : (قُلْ لَا أَسْأَلُكُم عَلَيْهِ أَجْرًا إِ لا المْوَدَّة في الْقُرْبَى ) وفي آيات أخرى صرَّحت بنفي سؤاله (صلى الله عليه واله وسلم ) وسؤال سائر الأنبياء (صلوات الله عليهم) أجراً من أقوامهم مطلقاً دون استثناء. ولعل الوجه فيه: أن الغاية من طلب المودة لذي القربى إنما هو لمصالح راجعة للناس في ذلك كما قال تعالى (قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ). فلم يكن هذا التشريف مزيد كرامةٍ لذاته عند الله سبحانه واستثناء من أصل تفاضل الناس بالصلاح والتقوى.
المصدر / محمد باقر السيستاني، اتجاه الدين في مناحي الحياة، ص 173 -174