ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان
(المورد الأوّل): الاختلاف في الخلق.
لا شكّ في أنّ انتقاص أيّ إنسان على أساس وصفٍ خُلِقَ عليه أمر مخالف للعدالة؛ إذ لا خيار للإنسان في صفاته التي خُلق عليها عموماً، على أنّ العقل السليم يشهد بأنّ الإنسان. ينبغي أن يقدّر بالنظر إلى سلوكه وسيرته الاختيارية حسب مستواه من المعرفة ودرجته في رعاية القيم الفاضلة، وعليه فإنّ الاختلاف في الخلق حتّى لو كان اختياريّاً بأن استطاع الإنسان من تغيير بعض خلقته ولم يفعل ليس فيه ما يوجب انتقاصه والإعابة عليه.
ولكن هل في ثوابت تعاليم الدين وتوجيهاته ما يخالف هذا الأصل وينافي العدالة؟
وبعبارة أخرى: هل يميّز الدين الناس بعضهم على بعض على أساس التمييز القومي
أو الطبقي أو الجنسي، كما نجد أنّ بعض العقائد تجاهر بوجوه من التمييز، فتقسم الناس إلى أقسام بعضها أفضل من بعض، فتعتبر قوماً أفضل من قوم، وطبقة أفضل من طبقة والرجل أفضل من الأنثى.
المصدر / محمد باقر السيستاني، اتجاه الدين في مناحي الحياة، ص 167 – 168.