ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
إنّ من العناصر الدخيلة في تصنيف العمل واعتباره عادلاً أو لا هو القصد من العمل، فقد يؤنِّب المرء طفلاً منطلقاً من لون بشرته أو شكله، فهذا التأنيب ظلم قبيح. وقد يؤنّبه منطلقاً من تشجيعه على تهذيب تصرّفاته وسلوكه وإتقان دراسته، أو توجيه أقرانه إلى مثل هذا المعنى، فيكون هذا التأنيب أمر حسن ولائق متى كان موافقاً للحكمة بل يكون إحساناً إلى الطفل وأقرانه.
وليس المقصود بما ذُكر أنّ القصد يكفي في توصيف العمل بالعدالة، من دون ملاحظة نوع العمل، ولا مناسبة العمل والغاية، ولا مقدار نجاح العمل في الوصول إلى تلك الغاية بل المقصود أنّ لقصد الفاعل أحياناً دخلاً في الوصف الذي يستحقّه العمل على الإجمال.وهو أمر مشهود. هذا، ولا شكّ بملاحظة النصوص الدينية أنّ أي تشريع في الدين لم يكن منطلقاً من احتقار الآخرين؛ وإنما ينطلق من الاهتمام بقواعد الحياة وسننها ومقتضياتها والتمثّل الأنسب لها في التشريع.
المصدر / محمد باقر السيستاني، اتجاه الدين في مناحي الحياة، ص 166 -167