ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
إنّ مفهوم العدل كسائر المفاهيم العامّة ذو مساحتين: مساحة يصدق فيها صدقاً بيّناً وواضحاً وبديهيّاً. ومساحة أخرى ليس بذلك الوضوح، لأحد عوامل
منها ..
1- أن يحتاج إدراك الحقّ فيه إلى إحساس فطريّ مرهَف؛ لأنّ الاستحقاقات الفطريّة تختلف في درجة وضوحها وجلائها تبعاً لمستوى العناصر المتحقّقة في المورد.
2- أن يتوقّف تشخيص الاستحقاق على معرفة مضاعفات الشيء ولوازمه من خلال تجارب واستقراءات متعدّدة، فكم من شيء يعتقده الإنسان عدلاً واستحقاقاً؛ لكنّه بعد أن يجرّبه عملاً وتبدو له مضاعفاته يتراجع عن ذلك.
ويمثّل وجود المساحة الثانية اختلاف القوانين الوضعيّة، حيث نجد إنّها رغم ما يُفترض في جميعها من تحرّي العدل فيما تثبته أو تنفيه من الحقوق والواجبات تختلف في شأن ذلك كثيراً، فيرى البعض تلك القوانين كعقوبة الإعدام مثلاً هي ضرب من العدالة الواجبة بينما لا يراها البعض الآخر كذلك.
المصدر / اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني ص ؛163.