ذكر الشيخ الطوسي في أماليه، والمجلسي في "بحار الأنوار" حديثاً طريفاً ذو حججٍ بالغة وآثاراً كبيرة عن فضل التربة الزكية لأرض كربلاء في شفاء المعلولين وذوي الأسقام من العالمين.
وجاء في كِلا المصدرين عن المفضل بن محمد بن أبي طاهر، عن محمد بن موسى الربيعي، عن أبيه موسى بن عبد العزيز، قال "لقينا يوحنا بن سراقيون النصراني المتطبب في شارع أبي أحمد، فإستوقفني وقال لي بحق نبيك ودينك، من هذا الذي يزور قبره قوم منكم بناحية قصر أبن هبيرة؟، هل هو من أصحاب نبيكم (ص)، قلت: ليس هو من أصحابه، إنما هو إبن بنته، فما دعاك إلى المسألة عنه؟ فقال: له عندي حديث طريف، فقلت: حدثني به،
فقال: وجه إلي سابور الكبير الخادم الرشيدي في الليل، فصرت إليه فقال لي: تعال معي، فمضى وأنا معه حتى دخلنا على موسى بن عيسى الهاشمي، فوجدناه زائل العقل متكئا على وسادة، وإذا بين يديه طست فيها حشو جوفه، وكان الرشيد استحضره من الكوفة".
وأضاف الراوي، "فأقبل سابور على خادم كان من خاصة موسى، فقال له: ويحك ما خبره؟ فقال له: أخبرك أنه كان من ساعة جالساً وحوله ندماؤه، وهو من أصح الناس جسماً وأطيبهم نفساً، إذ جرى ذكر الحسين بن علي (عليه السلام)، قال يوحنا: هذا الذي سألتك عنه.
فقال موسى: إن الرافضة لتغلو فيه حتى إنهم فيما عرفت يجعلون تربته دواء يتداوون به، فقال له رجل من بني هاشم كان حاضراً: قد كانت بي علة غليظة فتعالجت لها بكل علاج، فما نفعني، حتى وصف لي كاتبي أن آخذ من هذه التربة، فأخذتها فنفعني الله بها، وزال عني ما كنت أجده.
قال: فبقي عندك منها شئ؟ قال: نعم. فوجه فجاءوه منها بقطعة فناولها موسى بن عيسى فاخذها موسى فاستدخلها دبره إستهزاءً بمن تداوى بها وإحتقاراً وتصغيرا لهذا الرجل الذي هذه تربته - يعني الحسين (عليه السلام)- فما هو إلا أن استدخلها دبره حتى صاح: النار النار، الطست الطست، فجئناه بالطست فاخرج فيها ما ترى، فانصرف الندماء وصار المجلس مأتما، فأقبل عليّ سابور، فقال: أنظر هل لك فيه حيلة؟ فدعوت بشمعة، فنظرت فإذا كبده وطحاله ورئته وفؤاده خرج منه في الطست، فنظرت إلى أمر عظيم فقلت: ما لأحد في هذا صنع إلا أن يكون لعيسى الذي كان يحيي الموتى. فقال لي سابور: صدقت ولكن كن هاهنا في الدار إلى أن يتبين ما يكون من أمره، فبتّ عندهم وهو بتلك الحال ما رفع رأسه، فمات وقت السحر.
قال محمد بن موسى: قال لي موسى بن سريع "كان يوحنا يزور قبر الحسين (عليه السلام) وهو على دينه، ثم أسلم بعد هذا وحسن إسلامه".
المصدر:- حسين البراقي النجفي، "الدرة البهية في فضل كربلاء وتربتها الزكية"، الطبعة الأولى، الجزء الثاني، أحد منشورات مركز كربلاء للدراسات والبحوث، 2014، ص 9-11.