ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
أن هذا الحكم على تقدير ثبوت عمومه أشبه بأن يكون حظراً للإظهار الصريح للارتداد من أن يكون حظراً لأصل الارتداد، بدليل أنه لا عقوبة على الرجوع القلبي عن الدين حتى لو بدت دلائله ومؤشراته على سلوكيات المرء وتصرفاته، ما لم ينكر علناً الحقائق الثلاث الكبرى إنكارة صريحاُ.
وبناء على ذلك: فإن مؤاخذة المرتد - حسب فتوى المشهور - وإن كانت من الناحية النظرية مؤاخذة على الارتداد لكنها من الناحية العملية ليست مؤاخذة على مجرد الارتداد الفكري الداخلي حتى إذا لم يعلن عنه الشخص في المجتمع، بل هو عملياً يؤاخذ على الإعلان عن الارتداد، بدليل أنه لو ثبت ارتداد الشخص بوسائل أخرى مقبولة قضائياً – غيرإعلانه عن ذلك - لم يترتب عليه أي جزاء قانوني.
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص .153-154