يعد أسلوب الدعاء من الأساليب التي تنم عن التوجه والطلب، وهو من الأصول المهمة للعبد، لذا امرنا الله تعالى بالدعاء حيث قال: "ادعوا اللّه أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى".
وقد تنوعت أساليب الدعاء لدى الشعراء لا سيما شعراء ثورة التوابين وامراء المختار ولعل من أبرز تلك الأساليب، الدعاء بالسقيا، وهو من ((الأنماط الاسلوبية التي تتصل بطقوس دفن الموتى وما يتبع مواراة ووضع الترابة عليه ونشر الماء المقدس فوقه))، وقد استمر هذا النمط من الدعاء الى الدعوة الإسلامية، وربما يعود السبب في استخدام الماء هو لكونه سر من اسرار الحياة التي خلق منها كل شيء، لذا قال الله تعالى في محكم آياته الكريمة "وجعلنا من الماءِ كل شيءٍ حي".
وهناك أسلوب آخر في الشعر يسمى أسلوب المراثي كان ايضاً في الجاهلية والذي كان عادة ما يبدأ بالدعاء والسقيا ولكن مع بعض التبديل، اذ يبدأ الشاعر بكلمة (لا تبعدن) وفي عجز البيت يختمها بالسقيا، حيث يرى أحد الباحثين ان هذا التعبير أفضل من الأول لأنه مناسب لحدة الانفعالات الإنسانية فالحزن يتمنى قرب فقيده او انه لم يمت، وهذا الأسلوب مبين في قول الشاعر سراقة البارقي في قصيدته التي يمدح بها إبراهيم بن مالك الاشتر اذ يقول: " جزى الله خيراً شرطة الله انهم شفوا من عبيد الله أمس غليلي"، والشاعر هنا كان على يقين بان إبراهيم بن مالك الاشتر واصحابه سينالون منزلة رفيعة جراء ذلك.
ومن أساليب الدعاء الأخرى الدعاء بصيغة (لا يبعد) او (لا تبعد) وهي مأخوذة من العرب حيث الدعاء للميت بهذه العبارة، وهم يرومون بها ان يبقى ذكره ولا يذهب لأن بقاء ذكر الانسان بعد موته بمنزلة حياته.
وجدير ذكره ان هذه الأساليب في الدعاء الغاية منها هي للتفاوت والعاطفة مع الاحداث وتباين عقلي منها، حيث ان العقل والعاطفة تلعب دوراً مهماً في رفض وقبول الشيء لذا اختلفت الطقوس قبل الإسلام وبعده في طريقة الدعاء وطلب الشيء سواءً كان سلباً او ايجاباً.
المصدر: كتاب حركة الشعر في ثورة التوابين وامارة المختار الثقفي، حسن حبيب الكريطي، مركز كربلاء للدراسات والبحوث، ص240-244.