ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
يمكن أن يكون الإلزام القانوني بإظهار حقيقة معينة أو الردع القانوني عن إظهار أمر خاطئ خطير أمراً حكيماُ، نظير منع إبراز العقائد العنصرية من جهة أثرها السلبي على تربية المجتمع، أو يمنع إبراز عقيدة ما؛ لكونها عقيدة خرافية واضحة البطلان؛ فيكون من جهة معارضة الخرافة في المجتمع، أو من جهة عدم تحمل أصحاب هذا الاعتقاد للآخرين وتعديهم عليهم. وهذه المبررات قد تصلح وجهاً حكيماً للإلزام مع قيامها في شأن ما ألزم به.
وعليه فليس هناك استبعاد في الإلزام بإظهار الحق والحقيقة متى كانت المسألة مهمة وخطيرة، رعاية لسلامة الإيمان بها في المجتمع العام.
وبذلك يتضح أن الإكراه على الاختيار الصحيح ليس حالة ذميمة في مطلق الأحوال بل قد يكون حكيما وناصحا لشروط محددة ولكن الذي يؤدي الى الشعور بكونه مذموماً هو التطبيق الخاطئ له بما يكون تعسفا وظلما.
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص 148.