ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
إن الأخلاق الفاضلة ذات قيمة فطرية كبيرة، فهي جزء لا يتجزأ من الكيان الداخلي للإنسان، والذي يعبر عنه (بالضمير والوجدان)، وهو يمثل أساس السلوك الإنساني فيها بين الإنسان مع الإنسان الآخر، بل مع سائر الكائنات الحية بل وغيرها، فكل إنسان يرتبط مع غيره بواجبات وحقوق، ففي داخل الأسرة تنتظم العلاقة بين الزوجين بحدود وحرمات أخلاقية مثل الإيفاء بعقد الزوجية والتزاماتها ومجازاة الإحسان بالإحسان وتجنب الإيذاء والإساءة، وفي علاقة الإنسان مع الحيوانات ينهي الضمير عن إيذاء الحيوان والإضرار به من غير غرض عقلاني، وفي التعامل مع البيئة ينهي الضمير عن التخريب العبثي للبيئة بقطع الأشجار وتلويث المياه من دون موجب يقتضيه.
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص89.