ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
قد يقول قائل: إن تقديم العاجل على الأجل أمر فطري حكيم؛ لأن العاجل من قبيل النقد والآجل من قبيل النسيئة، وللنقد قيمة تزيد على النسيئة بطبيعة الحال. ومن ثم باع الشيء نقداً بمبلغ، بينما يباع نسيئة بضعف ذلك المبلغ تعويضا عن القيمة المعنوية الإضافية للنقد.
والجواب: إن أصل تقدير الشيء عاجلا بأكثر منه آجلا موافق للفطرة، ولكن ذلك في حال تماثل الشيء في الحالين، أو كون التفاوت بينهما مقبولا، فلا يجوز في قضاء العقل الحكيم تقديم منفعة عاجلة على مضرة خطيرة آجلة، وإلى ذلك يشار بالحكم التي تذم المتعجل.
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص83.