ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
من الأركان الخمسة للسلوك الحكيم -رفع المشاعر العائقة عن السلوك الحكيم، فإن ما يعيق السلوك الفاضل -عموما -أحد أمرين.
أحدهما): غلبة الرغبة الحاضرة على رعاية العواقب المنظورة؛ ذلك أن الرغبة تكسب زخمها من الإحساس الفعلي بها وامتلاء النفس بحضورها، بينما العاقبة المتوقعة تكتسب زخمها من إدراك العقل لها، والعقل بطبيعته قوة هادئة؛ فلذلك تهيمن الرغبة على مركز القرار في النفس، وتزيح العقل عن موقع التأثير -وإن كان صلاح العاقبة المتوقعة أكبر بكثير من الاستجابة لتلك الرغبة.
والآخر: غلبة حب الراحة الحاضرة على رعاية العواقب الآجلة، فيترك المرء -تكاسلاً وخلوداً إلى الراحة -ما يقضي العقل الإتيان به تقديرا للعاقبة الحميدة. وحث الراحة من الرغبات الهادئة، إلا أن كونها راحة حاضرة يؤدي إلى تقديمها على الراحة المستقبلية.
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص83.