أن الدين فضلا عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها من وجود الله سبحانه ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها أو معونتها للإنسان.
الخصال الفاضلة - فالوجه في كون العمل بها عملا حكيما هو أن النزوع إلى الفضيلة وإن لم يكن معللا في النفس الإنسانية وانما هو نزوع مطلق، ولكن الاعمال الفاضلة – في حقيقتها-من اهم سنن الانتاج؛ لأن المشاعر الأخلاقية – كما ذكرنا من قبل - ضمان للمصالح النوعية في الحياة من وجوه ثلاثة وهي:
ثانيا المصلحة الشأنية فيها للفرد؛ إذ من شأن العدالة أن تقع في صالح من يراعيها، ومن شان الفضيلة أن تعود بالبركة على فاعلها، ومن شأن الظلم أن يضر بصاحبه – كما يضر هو بغيره- ومن شأن الصدق أن يكون أنجى لصاحبه وذلك كله من حيث يحتسبه المرء أو لا يحتسبه. وهذا الوجه مما يتلمسه الحكماء من الناس بتجاربهم وخبرتهم، ومن خلال التأمل في سنن الحياة الاجتماعية، ومضاعفات السلوكيات الصحيحة والخاطئة، وإلى ذلك يرجع قولهم: العدل أبقى للحكم، والصدق أنجي في القول، والتهمة أضر بصاحبها. فالمراد أن من شأنها أن تكون كذلك. وكم يلاحظ المرء في الحياة مصادیق واضحة لهذه الأقوال، فكم من حاكم ظالم أراد يظلمه ضمان بقائه فكان ظلمه سببا لزواله، وكم من إنسان تجنب الصدق باعتقاد أنه أنفع له فكان أضر به.
المصدر اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص76-77