أن الدين فضلا عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها أو معونتها للإنسان.
وبعد اتضاح انقسام الدوافع إلى فطرية ومكتسبة نرجع الى السؤال المذكور، وهو هل أن التطلعات الإنسانية إلى البقاء بعد الموت والاستمداد من الخالق تطلعات فطرية ضاربة في جذور الإنسان أوهي مكتسبة؟
قد يرجح الثاني، ويدعي أن التطلع إلى البقاء بعد الموت - على حد التطلع إلى البقاء في هذه الحياة وعدم الموت - تطلع مكتسب عن صفة حب البقاء في الإنسان، وهذه صفة فطرية ثابتة، وهي الدافع إلى اهتمام المرء بحياته وعدم تفريطه بها؛ ومن ثم لا تجيز القوانين قتل الشخص ولو كان بطلب منه إلا ما استجد أخيرا من تجويز بعضها ما يطلق عليه ب (الموت الرحيم) - كما أن صفة التعلق بكائن أعلى شعور يحصل له توفيرا لأمل في النجاة والإغاثة في حالات الضعف والابتلاء
المصدر اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص66-67