أن الدين فضلا عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها أو معونتها للإنسان.
ووفق هذا الضابط وما تضمنه من المؤشرات والعلامات على فطرية الداعي فإن من الوارد أن يكون تطلع الإنسان للبقاء بعد الموت امتدادا فطريا لصفة حب البقاء – وليس مكتسبا - وذلك بقرينة مؤشرات وجدانية وتاريخية واستقرائية على تجذر هذا التطلع في النفس الإنسانية وسعته، كما أن فيه صلاحا للنوع الإنساني بما يخلقه فيه من معنى لوجوده - على ما سبق توضيحه - هذا عن مدى فطرية التطلع إلى البقاء بعد الممات. وأما تطلع الإنسان إلى وجود كائن أعلى يكون في كنفه فلقد دلت شواهد ومؤشرات عدة - وجدانية وتاريخية واستقرائية - على تجذره وسعته، مما يجعل احتمال فطريته أمرا وارد لا يمكن نفيه بحال
وإذا ثبتت الرؤية الدينية في الإنباء بوجود الله وعنايته بالإنسان وبقاء الإنسان فإن من الوارد تلقي هذه الشواهد كإرهاصات مؤشرة على فطرية هذا التطلع. ولو دل النص الشرعي على ذلك فقد دل على أمر جائز في نفسه، ولا مانع من البناء عليه مع اعتبار النص.
المصدر اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص62