أن الدين فضلا عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها أو معونتها للإنسان.
فالجواب عنه يقتضي - أولا - إلفات النظر إلى هذا التقسيم للصفات والدوافع الإنسانية.
١. الصفات الفطرية: وهي دوافع مركوزة في خلقة الإنسان، وليست طارئة عليه ولا متجددة له - من قبيل دافع الأكل والشرب والتخلي والراحة والاطلاع والزواج والأمومة وغيرها وهي على ضربين أحدهما): صفات منجزة، مثل الأكل والشرب .و (الآخر): صفات كامنة تنتظر تحفيزها بالية زود بها الإنسان، مثل دافع النكاح الذي ينتظر نمو الجسم إلى عمر معين، وقد ينتظر بعضها اكتمال الرشد العقلي أو ملاحظة آخرين أو وقوع حوادث للإنسان.
وتختلف القوة الذاتية للدوافع القطرية في الإنسان بحسب ما يلائم التكوين البدني والنفسي؛ فدافع الأكل والشرب والتخلي - مثلا -دافع قوي جدا، بخلاف دافع النكاح والأمومة. وقد يتم إشباع الدافع الفطري بغير ما هو مدفوع إليه، مثل إشباع حس الأمومة للمرأة بتبني طفل، أو بأن تعتقد خطا أنها أم الطفل كما لو مات طفلها بعد الولادة وجيء لها بطفل آخر على أنه طفلها، فتتعلق العواطف الفطرية به. وقد يشاغل نفسه عن الدافع الفطري في حينه فيفتقد ما ترکه بعد مضي أوانه، كالمرأة تتشاغل عن الزواج والأمومة بالوظيفة ثم تندم بعد انقضاء أوانهما.
٢. الصفات المكتسبة: وهي دوافع يكتسبها الإنسان من خلال العوامل المتجددة. والذي تفيده الدراسات النفسية أن هذه الصفات لیست صفات مغايرة للصفات الفطرية في أصولها، بل هي في حقيقتها نحو اتجاه للاقتضاءات الفطرية إلى مناح معينة، فالجوع يدعو الإنسان - بالفطرة - إلى أصل الطعام، ولكن الإنسان قد يتوجه إلى طعام مخصوص من جهة سبب طارئ، مثل اعتياده عليه، أو كونه جديدة له، أو منافسة مع آخر يأكله، أو غير ذلك.
المصدر اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص64-65
