أن الدين فضلا عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها أو معونتها للإنسان.
ما تضمنته الرؤية الدينية من بقاء الإنسان بعد الحياة، فإن هذا المعنى ما يرضي تطلعات الإنسان، ويوجب له نشاطا وحيوية؛ لشعوره بالخلود. وأما البناء على فناء الإنسان بالممات فهو مما يوجب خواء في داخل الإنسان، وشعوره بتفاهة وجوده؛ إذ هو برق خاطف في مسيرة الحياة الخالدة، سرعان ما يختفي وينعدم بالموت عدم مطلقا.
ويلاحظ هذا الشعور بنحو أجلى عندما يتأمل الإنسان في نهاية حياته في لحظة صادقة ويفترض انعدامه المطلق بالممات، أو عندما يتأمل كذلك في نهاية حياة الذين من حوله – لا سيما من يتعلق بهم من آباء وأولاد وأصدقاء - كما يتحفز هذا الشعور بتأمل حال العلماء الذين أسدوا خدمات إلى الإنسانية؛ فإن الإنسان في كل ذلك يلاحظ تطلعا له إلى بقائهم ويرجو لهم السعادة والسرور، وإن المرء ليجد بوجدانه مدى كون الحياة كئيبة ومملة وموجبة للسأم إذا قدر انعدامه بالممات تماما.
المصدر اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص62