أن الدين فضلا عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها أو معونتها للإنسان.
من أنه لا علاقة بين الدين والعلم، لان العلم ناظر الى تفسير الأشياء وتبين منشئها والعوامل الدخيلة فيها، وقد استطاع العالم-لا سيما في العصر الحديث
- من تفسير جميع ظواهر الوجود، مثل تفسيره لوجود الكون من خلال الانفجار
العظيم، وتفسيره لوجود الكائنات على أساس قانون التطور، فلم يعد بحاجة إلى التفسير الديني لكل ذلك بما وراء الطبيعة
ولكن هذا الأمر مبالغ فيه بدرجة كبيرة، وذلك ...
أولا: لما ذكرناه من عدم وصول العلم في تفسير نشأة الكون إلى نتيجة محددة، وإن كان هناك اتجاه يرجح الترتيب الفعلي للكون من خلال الانفجار العظيم. ولكن الواقع أن الترتيب الفعلي للكون أمر، ونشأة المادة وحدوثها أمر آخر، فلا تفسير للثاني إلا الصانع القدير. وكذلك الحال في شأن نشأة الحياة فإن العلم لم يزل غير قادر على تقديم تفسير مقنع لها، نعم ذكرت بعض الافتراضات التي لم يقم شاهد عليها.
و (ثانيا): لأن تفسير حدوث الكائنات على أساس التطور الطبيعي - من خلال خلية
واحدة أو خلايا وهبت لها الحياة فتطورت إلى هذه الأشكال من النباتات والحيوانات – ليس تفسيرا راجحا؛ لعدم وجود شواهد تدل على إمكان التطور في هذا المستوى الهائل الشواهد المقامة إنما تدل على تطورات جزئية، مثل اختلاف نوع واحد من الطير إلى عدة أصناف في إثر عوامل - بيئية وغير بيئية - تختلف اختلاف بسيطا، كالاختلاف بين أفراد الناس الذين يرجعون إلى أصل واحد.
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص48-49