أن الدين فضلا عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها أو معونتها للإنسان.
ويتضح من ذلك: أن شأن العلم - الذي هو في حقيقته کشف للواقع وتبصر في التعامل معه - أن يكون عونا للدين فهما، وتلقيا، وقبولا، وتذوقا، وسلوكا.
نعم هناك عوارض سلبية تقع في المجتمع العلمي، نتيجة لنقص الأدوات الإدراكية للإنسان مما يؤدي إلى كونه عرضة للخطأ، أو لطرو آفات إدراكية في فكر الإنسان في مقام تقعيد قواعد الحياة، مثل الإيغال في الشك، أو لتأثير الدواعي الخاطئة في تحريف الإدراك الإنساني، وتؤدي بذلك إلى مضاعفات سلبية على فهم الدين أو قبوله أو تطبيقه، إلا أن ذلك
ليس متعلقا بالعلم نفسه - إذ حقيقة العلم هو التبصر والاهتداء، فلا يكون الاعتقاد الزائغ عن الواقع علما بل جهلا مركبا - وإنما هي عوارض مصاحبة للعلم في المجتمع العلمي وهذا الأمر جار في عامة الأشياء النافعة في الحياة؛ حيث تصاحبها بعض المضاعفات السلبية التي لا تكون ناتجة عنها، بل مرافقة لها، مما يقتضي ترشيد کيفية الانتفاع بها، وتوفير الآلات والأدوات اللازمة لذلك.
ويظهر مما تقدم: تكامل العلم والدين، فلا يصح ما يظن من أن من شأن العلم أن يحل محل الدين، وأن نموه يؤدي إلى تقلص مكانة الدين في العقول والقلوب.
المصدر / الاتجاه الدين في مناحي الحياة محمد باقر السيستاني ص 48