إنَ أهم ما يُلزم على الإنسان في هذه الحياة بعد العلم بحقيقتها وآفاقها وغاياتها من خلال الإيمان بالله سبحانه ورسله الى خلقه والدار الآخرة هو توعيته لنفسه وتزكيته إياها، بتحليتها بالفضائل وتنقيتها من الرذائل، حتى يتمثل علمه في عمله واعتقاده في سلوكه، فيكون نوراً يستضيء به في هذه الحياة ويسير بين يديه وبإيمانه في يوم القيامة.
أن اهم عامل يؤثر في سعادة الإنسان بصاحب هذه الحياة في كل مكوناتها وتفاصيلها والخالق له المتفضل عليه بصنوف النعم وأنواعها، فمعرفة الله سبحانه والإذعان له يترك ظلاً ظليلاً على حياته الآخرة، فمن عرف الله تعالى وأذعن له فقد حصل على رأس مال رابح وخالد.
وذلك لما في معرفته والإذعان له من معاني الشكر والأدب والعرفان، وقد جعل سبحانه وتعالى الشكر والأدب من سنن التنمية لأنه سيد الأخلاق الفاضلة.
كما إن أهم عامل يؤثر في شقاء الإنسان هو معاندة المرء في الإقرار به سبحانه وإثبات الشريك له، فإنه انتقاص عظيم لحقه ونكران قبيح لجميله، ينعكس على صاحبه نكداً ويوجب تعاسة وبعداً.
ودونه في عوامل الشقاء إهمال المرء لهذا الأمر وعدم تحريه وبحثه، فيضل السبيل من جهة قلة اهتمامه بما يحتمله من وجوده ورغبته سبحانه في معرفته والإذعان له، فيعيش المرء كالأنعام لا يعرف صاحبه ولا المنعم عليه.
ومن كان قاصراً عن معرفة الله تعالى – من دون تقصير منه – كان له سبحانه تقدير عذره، وتنزيله على ما يستوجبه بحسب حاله، ولكنه لن يبلغ درجة العارف به المذعن له في ما عرفه من حقه وشكره على معروفه.
المصدر: أصول تزكية النفس وتوعيتها، محمد باقر السيستاني، ج1، ص71.