12:51 AM | 2019-02-27
1034
إنَ أهم ما يُلزم على الإنسان في هذه الحياة بعد العلم بحقيقتها وآفاقها وغاياتها من خلال الإيمان بالله سبحانه ورسله الى خلقه والدار الآخرة هو توعيته لنفسه وتزكيته إياها، بتحليتها بالفضائل وتنقيتها من الرذائل، حتى يتمثل علمه في عمله واعتقاده في سلوكه، فيكون نوراً يستضيء به في هذه الحياة ويسير بين يديه وبإيمانه في يوم القيامة.
الحكمة (7): إن الاحتمال على قسمين:
- الاحتمال المستقر، وهو ما استقر عليه الإنسان بعد البحث والتفتيش حول الحقيقة التي احتملها، وتكون قيمته أنقص من قيمة العلم بنسبة نقصان مرتبته عنه، كما سبق وصفه.
- الاحتمال غير المستقر، وهو الاحتمال قبل الفحص والتحري حول المحتمل، وهذا الاحتمال في قيمته ولزوم الاعتناء به على حدّ العلم، لا سيما إذا كانت قرائن الحقيقة ميسّرة للإنسان ولكن أعرض عن تحقيق الحال حولها وخلد إلى الشك والترديد، فإن من جملة قوانين الفطرة أن على الإنسان أن يبحث عما يحتمله إذا أراد أن يعمل على السّعة ولا يتحول برعاية المحتمل، ومن ثم لزم على الناس تعلم القيم والقوانين الفاضلة والنافذة، فلا يعذر امرؤ بجهله إذا لم يبحث عنها فوقع في الخطأ، بل يكون الخطأ في مثلها خطيئة يلام عليها ويحاسب، وإلى هذا يشير ما ورد في النصوص الدينية من لزوم التعلم للأحكام كما قال سبحانه: ) فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (.
وهذا المعنى هو المشهور عند علماء الأصول بـ(حجيّة الاحتمال قبل الفحص)، وهذه الحكمة كسابقتها في البداهة.
وعليه فلا ينبغي للمرء في مسعاه إلى البحث عن الحقيقة وتحري الحكمة في هذه الحياة أن يبقى على الشك والترديد ويترك الفحص والتحري والتثبت والسؤال، وذلك ظاهر لمن تأمل الموضوع وأمثلته في الحياة.
المصدر: أصول تزكية النفس وتوعيتها، محمد باقر السيستاني، ج1، ص42.