لقد جاء الأنبياء والمرسلون ليرشدوا البشر إلى طريق بناء النفس وتزكيتها وتطهير النفوس الإنسانية من الرذائل والأخلاق السيئة والصفات البذيئة، وتعصمهم الفضائل ومكارم الأخلاق، وارشادهم الى طريق الصلاح والكمال لنيل مقام القرب الإلهي.
فإن أهم ما يلزم على الانسان في هذه الحياة بعد العلم بحقيقتها وآفاقها وغاياتها من خلال الإيمان بالله سبحانه وتعالى ورسله الى خلقه والدار الآخرة هو توعيته لنفسه وتزكيته إياها، بتحليتها بالفضائل وتنقيتها من الرذائل، حتى يتمثل علمه في عمله واعتقاده في سلوكه، فيكون نوراً يستضيء به في هذه الحياة ويسير بين يديه وبإيمانه في يوم القيامة.
فتزكية النفس وتربيتها هي فرض عين على كل إنسان راشد، اذ لا فلاح من دونها ولا سلامة بغيرها، فمن افتقر اليها استغنى ومن استغنى عنها افتقر، فبزكاة النفس يتأتى فعل الطاعة وترك المعصية، إذ ما من طاعة الا ومبناها فضيلة وما من معصية الا ومرتكزها رذيلة، ولا قدرة للإنسان على التحكم في أفعاله عند التعرض للافتتان الا بالاستناد الى سجية فاضلة ثبت أساسها، واستقباح رذيلة بنى على مجانبتها، وإلا لم ينجح في الاختيار وسقط في موضع الفتنة في الامتحان، ومن ثم لزم كل انسان حكيم ان يسعى لتربية نفسه وتهذيبها آخذاً للعدة في هذا الجهاد.
ومن اقتحم مضمار العمل من غير ان يتجهز فهو كمن دخل ميدان القتال غير عدة، وهو مفرط بنفسه ومخاطر بها الى الهلاك.
...............................................................
المصدر: أصول تزكية النفس وتوعيتها، محمد باقر السيستاني، ج1، ص9.