الرحالة الالماني (كارستون نيبور) هو مكتشف وعالم الخرائط، إضافة الى انه رحالة بارع طاف العديد من دول العالم ومنها مدينة كربلاء المقدسة.
كان مولعاً بزيارة دول العالم وخاصة الجزيرة العربية للمغامرة والاطلاع على الحضارة الإسلامية الامر الذي دعاه الى ان يتعلم اللغة العربية بطلاقة الشيء الذي ساهم في نجاح رحلته.
زار كارستون مدينة كربلاء في (27/ كانون الأول سنة 1765م)، وبعد مغادرته المدينة كتب عنها ما يأتي:
((وعند شروعي السفر الى مشهد الحسين، هذه المدينة المشهورة لدى المسلمين باسم (كربلاء) والتي تقع على مسافة السبع ساعات من مدينة الحلة باتجاه الشمال الغربي، إذ يشاهد على طول هذا الطريق قرية تسمى (الطهمازيه) وهي قرية كبيرة يكثر فيها بساتين النخيل، إذ لم تكن منطقة كربلاء مأهولة بعد، وعندما فقد الحسين (عليه السلام) والكثير من أقاربه حياتهم هناك، اخذت هذه المدينة بالأعمار والبناء، وبعدما حضرَ الماء اليها من الفرات، اخذت المدينة بتوسعة اشجار النخيل.، واما المدينة فأنها أوسع من مشهد الإمام علي (عليه السلام)، كما ان عدد سكانها اكثر منها ايضاً الا ان بيوتها ليست متينه نسبياً ومعظمها مشيدة بالطابوق فقط غير المفخور، وهناك خمسة أبواب بسور المدينة، ولكن السور هو الاخر مشيد باللبن والطابوق المجفف في الشمس، وهناك جامع كبير في داخله مسجد يسمى بمذبح الحسين، وقد شيد هذا المسجد في عين المكان الذي داست فيه الخيول على حفيد محمد (صل الله عليه وآله وسلم) الذي دفن فيه، ولم اتجاسر بالدخول الى صحنه في وضع النهار، وقد قمت انا ورفيقي بزيارته ليلاً فكان مضيئاً.
تحيط بالمشهد المقدس نوافذ زجاجية ملونة شكلت منظراً غريباً اذ لم اشاهد مثلها، حيث الإمام الحسين (عليه السلام) مدفون تحتها، وتحيط بها أربع منارات صغيرة، وعلى مسافة ابعد منها من الخلف تكون قبة أخرى أوسع منها عرضاً بكثير ولكنها ليست عالية، وهناك ساحة كبيرة وخالية محاطة من أطرافها الأربعة بمساكن العلماء والدراويش.
هذا ما قاله الرحالة الألماني (كارستون نيبور) عن رحلته الى مدينة كربلاء المقدسة التي رمزها الإمام الحسين (عليه السلام) وانصاره الميامين (سلام الله عليهم اجمعين).
المصدر: كربلاء والرحالة الذين زاروها، سعيد رشيد زميزم، ص33- 34.