8:10:45
"فان فلوتن"... المستشرق الهولندي الذي حاول قراءة التشيّع من نوافذ بني أميّة "شهادات إنسانية"... وثيقة إنسانية نابضة من قلب كربلاء إلى ضمير العالم اعلان وظائف شاغرة مقتطفات من خطبة الجمعة لسماحة الشيخ الكربلائي الحفاظ على الهوية الاخلاقية للمجتمع 28 ذي 1440هـ رحالة برتغالي يروي من قلب كربلاء: بلد الزوّار والعرب وطيبة المناخ وماء الفرات المركز يقيم ندوة تحـــت عنوان "أثر العمل فـي تعزيـــز الوعي المجتمعي و مكافحـــة الأفكار المتطرفـة" عبر ندوة إلكترونية متخصصة... مركز كربلاء يسلّط الضوء على "المباهلة" كنموذج لوحدة الأسرة المؤمنة في مواجهة التحريف... "البالغون الفتح في كربلاء" يستخلص الحقيقة عن واقعة الطف حين كانت خندقاً دفاعياً حصيناً... كربلاء كما لم تعرفها من قبل!! بمناسبة حلول شهر محرم الحرام... مركز كربلاء للدراسات والبحوث يتشح بالسواد ويبدأ موسم الأحزان من جدران المختار إلى مشاريع البنى التحتية... التحولات الحضارية لمدينة كربلاء المركز يقيم ندوة علمية بعنوان "المياه في محافظة كربلاء المقدسة المشاكل والحلول" الإقرار بالربوبية ثم الاستقامة ... محمد جواد الدمستاني مركز كربلاء للدراسات والبحوث يقيم ندوة حوارية تحت عنوان "أثر العمل في تعزيز الوعي المجتمعي ومكافحة الأفكار المتطرفة" "ملكنا فكان العفو منا سجيةً"... ديوان "حيص بيص" في مكتبة مركز كربلاء دعوة ... الندوة العلمية الإلكترونية الموسومة:  (المباهلة والأسرة المؤمنة: وحدة الموقف في زمن التحدي) عبر ندوة إلكترونية متخصصة... مركز كربلاء يسلّط الضوء على إعجاز الإمام علي "عليه السلام" في فن الإدارة والقيادة مركز كربلاء للدراسات والبحوث يصدر كتاباً يوثق الذاكرة المحلية للحمّامات الشعبية في المدينة تناس مساوئ الإخوان تستدم ودّهم ... محمد جواد الدمستاني بين فيضانات الشرق وجفاف الغرب... جدلية الطبيعة في قلب كربلاء المقدسة
مشاريع المركز / اطلس كربلاء / محطات كربلائية
11:07 AM | 2025-06-25 340
جانب من تشيع الشهيد زكي غنام
تحميل الصورة

"فان فلوتن"... المستشرق الهولندي الذي حاول قراءة التشيّع من نوافذ بني أميّة

في مكتبة الاستشراق المزدحمة بالأسماء والمؤلفات، تبرز أحيانًا أصواتٌ حاولت مقاربة الفكر الإسلامي، لكنها وقعت فريسة للتسرّع أو التحامل أو التحيّز.

ومن بين هؤلاء، يطلّ علينا اسم جيرلوف فان فلوتن (1866–1903)، المستشرق الهولندي الذي تتلمذ على يد المستشرق الشهير "دي خوية"، لكنه بقي، حتى اليوم، اسمًا غامضاً لا نعرف عن سيرته الذاتية الكثير، باستثناء آثاره القليلة، وعلى رأسها كتابه المعروف بعنوان "السيادة العربية والشيعة والإسرائيليات في عهد بني أميّة"

في مؤلفه هذا، حاول فان فلوتن أن يدرس ملامح السلطة الإسلامية في العصر الأموي، متوقفاً عند العقائد الشيعية وتأثير "الإسرائيليات" بحسب فهمه، لكنه ــ كما يتبيّن للقارئ المتمرّس ــ يفتقد إلى الدقّة والإنصاف في عرضه لمدرسة أهل البيت "عليهم السلام"، بل ويقع في مغالطات جوهرية تُنذر إما بسوء فهم، أو انجرار خلف روايات موجهة سياسياً.

ومن أبرز تلك المغالطات، قوله إن الشيعة في الكوفة "كانوا يؤمنون بكل حديث يصدر عن أئمتهم، حتى لو خالف ظاهر القرآن"، وهذا الادعاء يكذّبه تراث الشيعة نفسه، وعلى رأسه قول إمام المحدثين عندهم ثقة الإسلام الكليني الذي يقول "اعرضوها على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالفه فردّوه".

فأين هذا من مزاعم فان فلوتن؟ بل إنّ هذا القول من الكليني يلخّص بدقة منهج التثبت والتمحيص الذي يتبناه علماء الشيعة في التعامل مع الروايات، مما ينقض أساس اتهامه جملة وتفصيلًا.

تتواصل الأخطاء عند فان فلوتن حين يتحدث عن طوائف الشيعة، متجاهلاً الطائفة الأصل، أي الشيعة الإمامية الاثني عشرية، ليركّز على طوائف هامشية أو منقرضة مثل "السبئية" و"الكيسانية"، وهي فرق كثيراً ما استُغلت سياسيًا لتشويه صورة التشيّع في بداياته، دون أن تكون ممثلة للخط الجوهري لمدرسة أهل البيت الأطهار.

أما عندما يخلط بين "الهاشمية" وعموم الشيعة، فهو يُظهر جهلاً بمسار التكوين التاريخي للمذاهب الإسلامية، ويحاول بوضوح تذويب الهُوية العقائدية للتشيع في صراع سياسي عباسي بحت.

ولم يكتفِ فان فلوتن بهذه المزاعم، بل حاول الدفاع عن سياسات بني أمية وتبرير استيلائهم القسري على المدينة ومكة، معتبراً أن ذلك "كان ضرورة سياسية" حسب زعمه، متبنياً بذلك خطاباً أُحادياً يخالف حتى بعض الروايات السنية المعتدلة، ويصوّر الحكم الأموي كخيار شعبي أو ديني، متجاهلاً سجلاً طافحاً بالاستبداد والانتهاكات.

ويكفي أن نختم بما رواه الطبري عن الإمام الحسن "عليه السلام" في نقده لمعاوية بن أبي سفيان، حين قال "أربع خصال كن في معاوية، لو لم تكن فيه إلا واحدة لكانت موبقة، انتزاؤه على هذه الأمة بالسفهاء، استخلافه ابنه سكيراً خميراً، وادعاؤه زياداً، وقتله حجراً..."، فأين هذا من صورة "الحاكم العادل" التي حاول فان فلوتن تمريرها بسطورٍ مريبة؟.

إن كتاب فان فلوتن، رغم بعض محاولاته لرصد التحوّلات العقائدية في العصر الأموي، يمثل نموذجاً بارزاً لاستشراقٍ غير منضبط، يحكمه التحيز التاريخي والخلط بين الحقيقة والأسطورة، وإن كانت قراءته تحمل قيمة بحثية من زاوية نقد الصورة الغربية عن التشيّع، فإنها تبقى بحاجة إلى مراجعة علمية صارمة تكشف زيف الادعاءات وتُنصف مدرسة أهل البيت "عليهم السلام" بوصفها امتداداً للنص القرآني والسنة النبوية الأصيلة.

المصدر: مركز كربلاء للدراسات والبحوث، موسوعة كربلاء الحضارية، المحور التاريخي، قسم التاريخ الإسلامي، النهضة الحسينية، 2020، ج8، ص111-115.

Facebook Facebook Twitter Whatsapp