8:10:45
عبر ندوة إلكترونية متخصصة... مركز كربلاء يسلّط الضوء على إعجاز الإمام علي "عليه السلام" في فن الإدارة والقيادة مركز كربلاء للدراسات والبحوث يصدر كتاباً يوثق الذاكرة المحلية للحمّامات الشعبية في المدينة تناس مساوئ الإخوان تستدم ودّهم ... محمد جواد الدمستاني بين فيضانات الشرق وجفاف الغرب... جدلية الطبيعة في قلب كربلاء المقدسة في ندوة علمية متخصصة... مركز كربلاء يفتح ملف أزمة المياه على طاولة البحث والنقاش فقيه العراق وإمام إيران... الرحلة العلمية للشيخ البهبهاني بين كربلاء والكاظمية وكرمانشاه من "كفن نويس" إلى إنارة الروضة الحسينية... حكاية أسرة خدمت الحرم والتاريخ مكتبة مركز كربلاء للدراسات والبحوث تحتضن نسخة أصلية من كتابٍ هندسي بارز يعود لعام 1956 الغطاء النباتي في كربلاء... بين قسوة المناخ وسحر التوازن البيئي دعوة  انفوكرافيك من معالم مدينة كربلاء بين دفّتي (1400) صفحة من علوم الطب... "المرجع في الأمراض الجلدية" في مكتبة مركز كربلاء من قلب كربلاء إلى ضمير العالم... شهادات عن زيارة الأربعين في إصدار جديد لمركز كربلاء تهنئة..... عيد الغدير الاغر ليس العجب ممن نجا كيف نجا، و أمّا العجب ممّن هلك كيف هلك ... محمد جواد الدمستاني دعوة حراس الرسالة... من غار حراء إلى صحراء كربلاء كربلاء والبعد الثالث... قراءة عمرانية في عمارة العتبات الحسينية والعباسية قراءة في موسوعة الشيخ "محمد النويني" عن الحواضر العربية والإسلامية عظمة زيارة الإمام الرضا عليه السلام و يوم القيامة ... محمد جواد الدمستاني
مشاريع المركز / اطلس كربلاء / محطات كربلائية
05:17 PM | 2025-02-02 197
جانب من تشيع الشهيد زكي غنام
تحميل الصورة

الحمامات الشعبية في كربلاء.. تراث يتلاشى

في كربلاء المقدسة يشكّل التراث العمراني والاجتماعي تجسيداً حقيقياً لعراقة الحضارة الإسلامية، ومن بين أشهر معالمها التي ما زال صداها يتردد في الذاكرة الشعبية "الحمامات الشعبية" التي كانت ولا تزال جزءاً لا يتجزأ من حياة الكربلائيين، اليوم، وبينما يُشكّل هذا الإرث المتنوع نافذة على الماضي، يواجه خطر الاندثار مع تسارع وتيرة التحضر وتغير أنماط الحياة.

يعود تاريخ نشأة الحمامات الشعبية في مدينة كربلاء إلى عصور طويلة؛ إذ بدأت قصة هذه المعالم التراثية في عهد العثمانيين وما قبل الاحتلال البريطاني، حيث كانت تُبنى لتلبية حاجات السكان في وقتٍ كانت فيه المساكن ضيقة والمرافق الأساسية محدودة، فقد كانت كربلاء تضم في يوم من الأيام أكثر من 21 حمّاماً، انطلق منها زخم اجتماعي وحياة يومية ترتكز على طقوس الاستحمام والترويح عن النفس، سواء للرجال أو للنساء، ومن بين هذه الحمامات يشتهر حمام المالح الذي يرجع تأسيسه إلى القرن العاشر الهجري، وحمام ركن الدولة الذي شُيّد في عهدٍ من عصور المجد الكربلائي

تميّزت الحمامات الكربلائية بطراز معماري يحمل بين طياته آثار العصور السابقة، ممزوجاً بالعناصر العثمانية والفارسية، إذ تُلاحظ في أبنيتها القباب والأروقة الداخلية التي تحفظ نظاماً معمارياً دقيقاً، كانت خطوات دخول الحمام تقليدية ومحفورة في الذاكرة الجماعية؛ يبدأ الزائر من البوابة حيث يُخلع ملابسه ويستبدلها بعدد من المناشف، فيتبع ذلك المرور عبر غرفة بدرجة حرارة معتدلة وصولاً إلى القدور المملوءة بالماء الساخن، ومن ثم ينتقل المستحم إلى غرفة البخار ليجلس فيها لفترة كافية حتى يفرز جسده العرق الذي يُعتبر مكوّناً من السموم، تليها جلسة التدليك والاستحمام بالصابون والليفة، ثم ينتهي الأمر بعملية التنشيف؛ وهكذا تشكل هذه الطقوس جزءاً من الحياة اليومية والاحتفالية على حد سواء

تنوعت الحمامات في كربلاء لتلبي احتياجات شتى فئات المجتمع، إذ لم تكن مجرد مكان للنظافة الشخصية، بل كانت ملتقى اجتماعياً وثقافياً:

  • حمام المالح: يقع في سوق باب السلالمة، ويعود تأسيسه إلى القرن العاشر الهجري، وهو أحد أقدم الحمامات التي احتفظت بطرازها التقليدي رغم مر السنين
  • حمام كبيس: الذي يقع في منطقة باب الطاق، مسمى نسبةً لعشيرة كبيس الوافدين من محافظة الأنبار.
  • حمام ركن الدولة: الذي وُضع بالقرب من باب قبلة الإمام الحسين، وقد تأسس في عام (1255هـ)، مما يضفي عليه أهمية تاريخية خاصة.
  • حمام البغدادي: الذي بُني في ساحة البلوش في بداية القرن العشرين، وكان بمثابة مركز للتلاقي الاجتماعي والراحة.
  • كما وُجدت حمامات أخرى مثل (حمام القبلة، والمشروطة، والشاخة، وشنطوط، والمخيم، واليهودي، والنواب، والسعادة، وسيد سعيد الشروفي، وبغداد، وعلي شاه، والوكيل، ونينوى، والنمرة، والغدير)؛ وكل منها يحمل قصةً وتراثاً يتناقلها الأجيال

يُذكر أن لهذه الحمامات دوراً مميزاً في توطيد الروابط الاجتماعية، فقد كان الشباب يستعدون للزواج ويصطحبون أقاربهم وأصدقائهم لزيارة الحمام، كما كان الكبار يتذكرون قصص أجدادهم من خلال هذه الطقوس التقليدية

تحكي اللقاءات مع كبار السن في كربلاء عن مدى ارتباط السكان بهذه الحمامات؛ حيث يؤكد البعض أن زيارة الحمام كانت عادة يومية متوارثة من جيل إلى جيل، وكانت تُعدّ بمثابة احتفال بالتراث والثقافة، فكما يروي أحد الشهود أن والده وجده كانا يذهبان إلى الحمام كل يوم جمعة، مؤكدين على أهمية هذه العادة في الحفاظ على الهوية الكربلائية، كما أشار أصحاب الحمامات أنفسهم إلى أن خدمات الحمام كانت لا تقتصر على الاستحمام فحسب، بل شملت التدليك والعلاج الطبيعي الذي أصبح جزءاً من الخدمة المقدمة، مما أكسب الحمامات بعداً صحياً واجتماعياً في آن واحد

رغم الأهمية التاريخية والاجتماعية لهذه الحمامات، فإنها اليوم تواجه خطر الاندثار؛ فقد أدت التطورات العمرانية وظهور الحمامات المنزلية إلى تقليل الإقبال عليها، بالإضافة إلى التهميش والاهتمام المحدود من الجهات الرسمية في الحفاظ على هذا التراث. فقد اندثرت معظم الحمامات التي كانت تنتشر في أرجاء المدينة واستُبدلت بمحال تجارية وبنايات عصرية، فيما بقي عدد قليل منها يحتفظ بعبق الماضي ويستقبل الزوار خاصة في المناسبات الدينية والأعياد.

 

راجع

د.رؤوف الانصاري،عمارة كربلاء: دراسة عمرانية وتخطيطية ،مؤسسة الصالحاني ،دمشق،2006،ص225

 

زين العابدين سعد عزيز

 

 

Facebook Facebook Twitter Whatsapp