في مسيرة الاستشراق الألماني التي حفلت بقراءات معمقة للإسلام وتاريخه، يبرز اسم "يوليوس فلهاوزن" (1844–1918م) بوصفه أحد أكثر المستشرقين نفوذاً وتأثيراً، ليس فقط في مجال نقد العهدين القديم والجديد، بل في محاولته تتبع بدايات الدولة العربية الإسلامية.
وعلى الرغم من براعته الأكاديمية، إلا أن موقف "فلهاوزن" من ثورة الإمام الحسين "عليه السلام" بقي حبيس الإيجاز، فاقداً للروح التي ميّزت هذه الواقعة عن غيرها من مشاهد التاريخ.
وُلد هذا المستشرق في 17 أيار 1844م في قرية "هامِلن" قرب مدينة "هانوفر" الشهيرة، وتوفي في 7 كانون الثاني 1918م في بلدة "غوتينغن"، وكان قد تتلمذ على يد "أ. هـ. ج. إيفلد"، أحد كبار المتخصصين في اللغات السامية ونقد التوراة، ليصبح لاحقاً أحد أبرز مؤرخي التوراة والكتاب المقدس، وامتدت اهتماماته لتشمل التاريخ الإسلامي المبكر.
من أبرز كتبه "تاريخ الدولة العربية من ظهور الإسلام إلى نهاية الدولة الأموية"، حيث أشار فيه إلى واقعة كربلاء، لكن دون تعمق في أهداف الثورة الحسينية أو شخصية سيد الشهداء "عليه السلام".
وعلى الرغم من ذلك، فقد كانت من بين إشارات "فلهاوزن"، هي رؤيته لعاشوراء الحسين كـ "رمز ثوري للشيعة"، مؤثراً في شعائرهم وجهادهم الديني، لكنه لم يغص في أبعادها العقائدية أو الفكرية.
كما أغفل المستشرق الألماني البارز في سياق كتاباته وبشكل واضح، البعد الإيماني والقيادي لشخصية الإمام "عليه السلام" والدور الذي لعبته فاجعة كربلاء في صياغة روح المقاومة.
ووفقاً للتحليلات الإسلامية اللاحقة، فقد جاءت قراءة "فلهاوزن" للثورة الحسينية، كمن يتوقف عند الباب دون أن يطرقه، فلم يكن من المنكرين ولا من المنصفين تماماً، وبين السطور، تقف كربلاء بثقلها الروحي والتاريخي شاهدةً على أن فهمها لا يكتمل إلا بالعين المؤمنة والضمير اليقظ.
المصدر: مركز كربلاء للدراسات والبحوث، موسوعة كربلاء الحضارية، المحور التاريخي، قسم التاريخ الإسلامي، النهضة الحسينية، 2020، ج8، ص19-28.