لم تخل المنطقة المحيطة بكهوف الطار -غربي كربلاء- والقريبة منها من آثار استيطان الإنسان فيها، إذ عاش إنسان العراق الأول حيناً من الزمن متجولاً في بادية الرطبة، والأقسام الغربية الأخرى من وسط العراق وجنوبه، تحديداً في منطقتي الرزازة والأخيضر وأريدو، وتم العثور على العديد من الآلات والأدوات الحجرية في غرب محافظة كربلاء، قرب الرزازة والأخيضر، ممّا يدل على أنّ منطقة الطار القريبة من الرزازة والأخيضر كانت مسكونة من قبل الإنسان، ويوجد فيها مقومات الحياة البسيطة من مأكل ومشرب للإنسان البدائي، اذا استبعدنا احتمالية انجراف تلك الأدوات الحجرية من أماكن أخرى عن طريق السيول والأمطار.
وتعدّ قبور التل إحدى أهم المكتشفات الأثرية التي عثرت عليها البعثة اليابانية المكلّفة بالتنقيب في كهوف الطار. ويرى المنقب الآثاري الياباني (هديو فوجي) استمرار استعمال هذه التل في أوقات متعاقبة من الزمن، بعد وقت حفره الأصلي، إلّا أنّه لم يتمكن من تحديد من ومتى ولماذا استخدم هذا التل بكهوفه الطبيعية والمفتعلة، وعلى الرغم من قلة الاكتشافات الأثرية، التي تعود في أوقاتها إلى زمن الحفر الأولي أو الابتدائي للتل، إلّا أنّه عثر على عدد من القبور فيه تحت الأحجار المكسرة، واستناداً الى نتائج الفحص بواسطة الكاربون ١٤ تبين أنّ وقتها يعود الى المدة الممتدة ما بين القرن الثالث (ق.م) والقرن الثالث الميلادي، احتوت هذه القبور على هياكل و ٤٠٠٠ قطعة من حتات المنسوجات، منها ما صنع من الجلد أو الأسل.
وجدت قبور التل على ثلاث طرق مختلفة، منها عظام لفت بواسطة قماش ووضعت على بساط من الأسل، ممتد على صخور مكسرة. ومنها عظام لفت بواسطة قماش كان قد وضع على منسوج أو قماش من الوبر، وامتد أيضاً على صخور مهشمة ومكسرة. وآخر نوع كان عظاماً ملفوفة بقماش وموضوعة على قماش من الوبر، وعلى حصيرة من الأسل، وامتدت كذلك على صخور مكسرة، ومن المحتمل أّن الجلود استخدمت أحياناً لتغطية العظام، والأقمشة والحصران المصنوعة من الأسل، ومنسوجات أو أقمشة الوبر.
المصدر: مركز كربلاء للدراسات والبحوث، موسوعة كربلاء الحضارية، المحور التاريخي، قسم التاريخ القديم، ج1، ص 113.