8:10:45
هكذا كان يتم التنقل بين كربلاء والمدن المحيطة بها أوائل القرن العشرين هذا ما رآه جنود المتوكل العباسي عند إقدامهم على هدم قبر الحسين (عليه السلام) بالفيديو || أمسية رمضانية أقامها المركز: وجهاء كربلاء يستذكرون تراث مدينة سيد الشهداء (عليه السلام) وثيقة تاريخية يطالب فيها وجهاء كربلاء من الصدارة العثمانية إبقاء المتصرف في منصبه مركز كربلاء للدراسات والبحوث ينظم ندوة علمية حول الظواهر السلبية في معهد الفنون الجميلة بكربلاء مركز كربلاء للدراسات والبحوث يهنئ مجموعة قنوات كربلاء الفضائية بذكرى تأسيسها السابعة عشرة ابرز انشطة الاسبوع السابق - اسبوع في لمحة 9 وثيقة تاريخية في موسوعة كربلاء الحضارية تكشف عن تبادل وظيفي بين مديري تحريرات كربلاء وكموشخانة عقلاء المجانين برعاية مكتب المركز في ألمانيا: ملتقى رمضاني يناقش التعايش بين الطوائف الدينية التعايش و حسن العلاقات في المجتمع (خالطوا النّاس مخالطة إن متّم معها بكوا عليكم و إن عشتم حنّوا إليكم) في مثل هذا اليوم On this day في أمسية رمضانية أقامها مركز كربلاء للدراسات والبحوث: وجهاء كربلاء يستذكرون تراث مدينة سيد الشهداء (عليه السلام) بالفيديو المركز يقيم ندوة علمية عن حقوق المرأة، في رحاب كلية التربية للعلوم الإنسانية بجامعة كربلاء بالفيديو || ندوة إرشادية حول مرض الحمى القلاعية في مركز كربلاء للدراسات والبحوث الكون والقرآن كتاب يبحث في علم الفلك أمسية رمضانية وثائق ملكية تثبت أن مساحة كربلاء كانت تشكل نصف مساحة العراق! مركز كربلاء يقيم ندوة علمية عن حقوق المرأة، في رحاب كلية التربية للعلوم الإنسانية بجامعة كربلاء اجتناب لوم الآخرين و سوء الظن ... محمد جولد الدمستاني
اخبار عامة / أقلام الباحثين
01:02 PM | 2025-02-03 631
جانب من تشيع الشهيد زكي غنام
تحميل الصورة

العباس بن علي (عليه السلام) سيرة القمر الهاشمي الذي سقى التاريخ إباء ... زين العابدين العبيدي

هو ابن أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام)، وأخو سيد الشهداء الامام الحسين(عليه السلام)، وحامل لوائه يوم عاشوراء، اسمه العباس، والعباس في اللغة يعني الأسد الذي تفر منه الأسود، فكان اسمه صورة صادقة عن شجاعته وإقدامه، أمّه فاطمة الكلابية، التي عُرفت لاحقا بـ(ام البنين)، وقد تزوّجها الإمام علي (عليه السلام) بعد استشهاد فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وُلِد في الرابع من شعبان سنة 26 للهجرة في المدينة المنورة، وكان أكبر أبناء أم البنين الأربعة الذين استشهدوا بين يدي الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء، وعند استشهاد أمير المؤمنين (عليه السلام) كان في الرابعة عشرة من عمره، وفي كربلاء بلغ الرابعة والثلاثين من عمره، كُني بأبي الفضل وأبي فاضل، وتعددت ألقابه، فكان قمر بني هاشم، وساقي العطاشى، وحامل لواء الحسين، وأبو القربة، والعبد الصالح، وباب الحوائج وغيرها من الألقاب التي تجسد سموّ منزلته وعظيم تضحياته.

تزوّج العباس من لبابة بنت عبيد الله بن العباس، ورُزق منها ولدين هما عبيد الله والفضل، كما ذُكر أن له ابنَين آخرَين هما محمد والقاسم، كان طويل القامة، جميل الصورة، يزدان بجمال الخِلقة والخُلق، فاق أقرانه في الشجاعة حتى صار مضرب المثل في البأس والإقدام، وسُمي بقمر بني هاشم لحسنه وبهائه، حمل راية الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء، وسقى العيال والأطفال من ماء الفرات، وكان الحارس الأمين لمخيم الحسين (عليه السلام)، يبث في القلوب الأمن والطمأنينة، فكان وجوده في الخيام مصدر استقرار، وما إن رحل حتى عمت الوحشة وساد الرعب قلوب الهاشميات.

في يوم الطف الأليم، استشهد إخوة العباس الثلاثة أمام ناظريه، ومع ذلك ظل ثابت الجَنان، ماضٍ في نصرة الامام الحسين (عليه السلام) حتى اللحظة الأخيرة. وعندما جاء يطلب الإذن منه للقتال، أمره الإمام بجلب الماء للأطفال العطشى، انطلق بجرأته المعهودة، شق صفوف الأعداء حتى وصل الفرات، غمس يده في الماء لكنه لم يشرب، فقد أبى على نفسه أن يرتوي بينما يعاني أخوه وأهل بيته العطش، وأنشد يخاطب نفسه:

يا نفس من بعد الحسـين هوني

وبـعـده لا كنـت أن تكـوني

هـذا الحسـين وارد المنــون

وتشـربيـن بـاردُ المـعـين

تـالله مـا هـذا فِـعَـالُ ديـني

حمل القربة بعد ان ملأها وسار عائدا، لكن جيش العدو أحاط به، فقاتلهم ببسالة نادرة، فقطعوا يمينه، فأخذ القربة بشماله، ثم قطعوها أيضا، فاحتضن القربة بصدره، وظل يقاتل حتى سقط مضرجا بدمائه قرب العلقمي، ينادي أخاه الحسين: "أدرك أخاك يا حسين". كان يعلم أن الموت محتوم، لكنه فضّل الشهادة على أن يرى الحسين وأطفاله دون ماء.

حين وصل الإمام الحسين إلى مصرع العباس، انحنى على جثمانه الطاهر ودموعه تنهمر، ونطق بكلمات تفطّر القلوب: "الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي وشمت بي عدوي"، فلم يكن العباس مجرد أخ، بل كان سندا لا يُعوّض، وقوةً كان الحسين يستند إليها، بقي جسده مرميا على ضفاف العلقمي، بعيدًا عن مخيم الحسين(عليه السلام)، ولذلك دُفن حيث سقط، فصار مرقده اليوم مزارا تهوي إليه قلوب المؤمنين، تحفه الرايات، ويتردد اسمه بين شفاه عشاقه، رمزا للوفاء والتضحية.

لم يكن العباس (عليه السلام)مجرد فارس مغوار، بل كان عبدا صالحا، تقيا زاهدا، بلغت منزلته عند الله مقاما يغبطه عليه الشهداء، وقد عبّرت الزيارة المخصوصة له عن عظيم شأنها بالقول: "السلام عليك أيّها العبد الصالح، المطيع لله ولرسوله ولأمير المؤمنين والحسن والحسين... أشهد أنك مضيت على ما مضى عليه البدريون والمجاهدون في سبيل الله".

كانت أمّ البنين( عليها السلام) كانت تخرج لرثاء العباس (عليه السلام) وإخوته إلى البقيع فتبكي وتندب، فتُبكي كلّ من يمرّ بها، ومن قولها في رثاء أبي الفضل العباس(عليه السلام) وسائر أبنائها:

يا مَنْ رَأى العَبّاسَ كَرَّ عَلى جَماهِيرِ النَّقَد
                                                   وَوَراهُ مِنْ أَبْناءِ حَيْدَرَ كُلُّ لَيْثٍ ذِي لَبَدِ
أنْبِئْتُ أَنَّ ابْنِي أُصِيبَ بِرَأسِهِ مَقْطُوعَ يَدِ
                                                   وَيْلِي عَلى شِبْلِي أَمالَ بِرَأسِهِ ضَرْبُ العَمَدِ
                          لَوْ كانَ سَيْفُكَ فِي يَدَيْكَ لَما دَنا مِنْكَ أَحَدٌ 

ولها أيضا:

لا تَدْعُونِّي وَيْكِ أُمَّ البَنِينِ
                                 تُذَكِّرِينِي بِلُيُوثِ العَرِينِ
كانَتْ بَنُونَ لِي أُدْعى بِهِمْ
                                وَالْيَوْمَ أَصْبَحْتُ وَلا مِنْ بَنِينِ
أَرْبَعَةٌ مِثْلُ نُسُورِ الرُّبى
                               قَدْ واصَلُوا المَوْتَ بِقَطْعِ الوَتِينِ
تَنازَعَ الخِرْصانُ أَشْلاَهُمْ
                               فَكُلُّهُمْ أمْسى صَرِيعاً طَعِين
يا لَيْتَ شِعْرِي أَكَما أَخْبَرُوا
                                بِأَنَّ عَبّاساً قَطِيعُ الَّيمِينِ

 

كما وصفه الإمام زين العابدين (عليه السلام)بقوله: "رحم الله عمي العباس، فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتى قطعت يداه، فأبدله الله عزّ وجل بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة، كما جعل لجعفر بن أبي طالب، وإن للعباس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة".

أما في زيارة الناحية المقدسة، فقد خاطبه الإمام المهدي (عليه السلام وعجل الله فرجه الشريف) بكلمات تعكس عمق مكانته وعظيم تضحياته، إذ قال: "السلام على أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين، المواسي أخاه بنفسه، الآخذ لغده من أمسه، الفادي له، الواقي، الساعي إليه بمائه، المقطوعة يداه...".

اليوم، وبعد قرون، ما زال نداء (يا عباس) يُردّد في المآتم والمحن، ليُذكّرنا أن الشجاعة الحقيقية هي أن تُضحّي بكل شيءٍ إلا المبدأ، وأن الإيثار ليس كلمةً تُقال، بل دمٌ يُسفك ليروي ظمأ الحق إلى يوم الدين.

 

 

 

Facebook Facebook Twitter Whatsapp