ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها - من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق- يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
والوجه في ذلك: أنه قد تقدم أن للإذعان بالحقائق الكبرى الثلاث بعدان
(الأول): البعد الأخلاقي، والمراد به الإيفاء بحق الله سبحانه في معرفته والإذعان به والتصديق بالرسالة التي بعثها إلى العباد.
وهذا البعد يتأدّى بعض الشيء بالإذعان وإن كان عن إكراه بحسب طبيعة الأمر في باب الحقوق الاجتماعية، فإذا كان من الواجب على جميع الناس الإذعان الرسمي بنظام الدولة - مثلاً - فإنه يكفي أن يكون هذا الإذعان من جهة عوامل ضاغطة، وليس لقناعة وجدانية، كما إذا كان من الواجب على الإنسان أن يقر بأبوة أبيه ولا ينكرها نظراً لحقه، فإنه يكفي أن يقر بذلك اجتماعياً لمقتضيات ضاغطة تضطره إلى ذلك وإن لم يذعن بها قلباً.
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص 143.