ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها - من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق- يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
هل ينفع الإيمان الظاهري بالدين من غير إذعان قلبي؟ - ولا شك في أن المطلوب في الدين هو الإيمان بالحقائق الكبرى بعنصرية الداخلي والقولي، فلا يكفي الإيمان الداخلي عن القولي ولا العكس.
ولكن السؤال الذي يقع بهذا الشأن: إنه هل ينفع الإيمان الظاهري بالدين بعض الشيء إذا لم يكن مقروناً بالإيمان القلبي أو لا؟
والباعث على الإيمان الظاهري بالرغم من عدم الإيمان القلبي يمكن أن يكون أموراً من جملتها..
1- أن يكون الباعث هو التحوط والحذر، لأن المرء يحتمل أن يكون إنباء الدين حقيقة واقعة؛ ومن ثم يخشى من أن يكون مقصرة وآثماً في عدم الإذعان به.
2- أن يكون الباعث من قبيل الدواعي الاجتماعية، مثل مداراة أهل الدين ومسايرتهم، أو التعصب العقائد الآباء، أو مخافة لحوق أذى به.
3- أن يكون الباعث عليه قصد المكيدة بالدين وأهله، حيث يتأتى للمرء في حال إظهار الإيمان من النفوذ إلى داخل المجتمع المؤمن وإثارة الشك والترديد في أوساطه.
والإذعان الظاهري في مورد العاملين الأولين أمر إيجابي مبدئياً وإن لم يكن كافياً من حيث افتقاد الإذعان القلبي..
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص 143.