ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها - من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق- يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
لكن ذلك لا يمنع من قبول إيصال الدين إلى الآخرين من خلال الأدوات التربوية، نظير تربية الأولاد والتلاميذ وعامة المجتمع على الدين والمبادئ الدينية، على حد ما يعتمده العقلاء في سائر المسائل التي ينبغي تعلمها والاطلاع عليها.
بل هذا الأمر أمر لازم ومقبول بعد أن كنا ننطلق في الموضوع من افتراض حقانية الدين، ونتحدث عن الدين الحق خاصةً وليس عن اعتقاد ديني لجماعة معينة.
والوجه في ذلك: أن من القواعد الفطرية المتبعة لدى كافة العقلاء أنه يحسن بالإنسان أن يرشد الآخرين إلى الحقيقة التي تكون عرضة للخفاء عنهم، ويتأكد هذا الحسن بل قد يبلغ درجة الإلزام كلما كانت تلك الحقيقة أكثر خطورة؛ ومن ثم يجري تعليم الأطفال والتلاميذ وعامة المجتمع السلوكيات العامة والصحية التي تقي الإنسان من الأخطار.
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص 138.