ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها - من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق- يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
إن اختلاف فرص الناس في هذه الحياة لم يكن أمراً اعتباطياً بل هو جزء من المشهد الذي بُنيت عليه هذه الحياة. فهذه الحياة مضمار يعتمد على مواقع وأدوار متعددة، يتكامل بعضها مع بعض في مشهد واحد، ولم يعمد الله سبحانه إلى جعل شخص في موقع دون آخر إلا بمقدار ما تفضي إليه السنن العامة والنظام الكلي الذي رسمه لهذه الحياة.
ويمكن تشبيه هذه الحالة بما نجده من اختلاف استعداد الناس وأذواقهم ومواقعهم في هذه الحياة الدنيا، حتى كان فيهم الطبيب والمهندس والأديب والرياضي والعالم بالفيزياء والكيمياء والأحياء والعامل وغير ذلك من المهن والعلوم التي يبتني عليها نظام هذه الحياة، ولو كان كل الناس قد خلقوا على وجه واحد لاختلفت الحياة عما هي عليه من التكوين الرائع.
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص 134.