ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها - من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق- يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
وبذلك يظهر: أنه لا شك في كون الإنسان مختاراً في كثير من أفكاره وسلوكياته بضرب من الاختيار - وإن كان ضعيفاً - فإن مقدار إنصافه وعدالته وتثبته وسائر صفاته وسلوكياته المؤثرة في مقدار اهتمامه بالحقيقة وبحثه عنها واستجابته لها. كل ذلك يؤثر في عقائده كما یؤثر في أفعاله.
ولكننا مع ذلك لا ننكر - بطبيعة الحال - أنه قد لا يكون للإنسان دخل في وصوله إلى الحقيقة أو ضياعها منه، فقد تكون الحقيقة حاضرة ومتمثلة أمام الإنسان فيقف عليها دون بحث عنها، وإن كان يذعن بها عن اختيار ومطاوعة.
كما أنها قد تكون بعيدة عنه؛ بحيث يكون غير قادر - وفق قابلياته الذهنية والنفسية - على توقعها والوصول إليها.
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص 132