ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها - من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق- يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
ومما ينبغي الالتفات إليه في هذا السياق - حول اختيار الإنسان ومقوماته ومبادئه – أن اختيار الإنسان تجاه عمل ما قد يكون اختياراً قوياً من بعد، لكنه يصير ضعيفاً عند الاقتراب منه؛ وذلك لأن سيطرة الإنسان على كثير من أفعاله وسلوكياته تقتضي مراجعاتٍ فكرية وسلوكية، يستنطق فيها المرء برامجه الفكرية (الاتجاهات) والسلوكية (العادات)، ثم يعمل على ترشيدها وإصلاحها. وهذا يتأتى للإنسان قبل الاقتراب من موعد العمل، وأما عندما يحين موعده فإن انطلاقه إلى العمل يكون مطاوعة شبه تلقائية لتلك الاتجاهات والعادات، فيكون عنصر الاختيار فيه ضعيفاً.
والمقصود من هذا العرض كله: أن يتضح للباحث الفرق بين انتفاء الاختبار وبين الاختيار الضعيف.
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص 131.