ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها - من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق- يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
أما (الأمر الأول) فأنه لا يصح ادعاء عدم اختيار الإنسان في عقائده وسلوكياته له فيها تأثر فيه ببيئته؛ وذلك أن من البديهيات الوجدانية التي يذعن بها الفهم العام أن الإنسان مختار في أعماله وسلوكياته وأفكاره - إلا ما كان عن سهو وغفلة أو إكراه ونحوها - فلا يمكن نفي دور الشخص نفسه فيها ساعدته بيئته على الوصول إليه.
فمن عاش في بيئة وفرت له موجبات التميز والفضيلة لم يمكن نفي دخل إرادته واختياره في السلوك المتميز والفاضل، كما أن من أثرت بيئته تأثيراً سلبياً في ارتكابه للخطيئة لم يمكن نفي دخل إرادته واختياره في السلوك الخاطئ..
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص 127.